+
أأ
-

زيد النابلسي يكتب : اخلاق الامارة الحق تمثلت بسمو الامير حسن بن طلال

{title}
بلكي الإخباري

سمو الأمير الحسن بن طلال حفظه الله أمضى 34 عاماً من عمره ولياً للعهد، وعندما انتقلت ولاية العهد إلى الأمير عبد الله في الأيام الأخيرة من حياة الراحل الكبير، كانت صدمة كبيرة له كما ستكون لأي إنسان له مشاعر طبيعية…





ولكنه لم يعترض على مشيئة أخيه ولم يغادر البلاد ولم يتحول إلى معارض لابن أخيه، ولم يتذمر ولم يصرّح ولم يناكف ولم يناور ولم يراوغ، بل كان من الكاظمين الغيظ، وبقي كما كان طيلة حياته جندياً وفياً مخلصاً حكيماً كبيراً حريصاً على استقرار العرش ووحدة العائلة وتماسكها…





هذه هي أخلاق الإمارة الحقيقية النابعة من معدن نبيل في قرارة الإنسان قبل أن يرثها بقرابة الدم، وهي أن تُبَدّي المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبار شخصي آخر، وأن لا تتحول إلى مسمار يثقب السفينة ويطعن بقبطانها ويخل بتوازنها أمام الأمواج العاتية…





وهنا يحق لنا أن نسأل، ماذا يريد الأمير حمزة في نهاية المطاف، وما هو الشيء الذي سيرضيه ويخرجه من حالة الحرد المزمنة التي ترافقه بسبب استبعاده من ولاية العهد؟





هل يريد أن يصبح ملكاً بدلاً من أخيه؟





أهكذا تورد الإبل في الأنظمة الملكية؟





وهل يتحمّل هذا البلد بربّكم صراعاً على العرش؟





الدستور الأردني يسمح للملك أن يختار من يشاء لولاية العهد دون أي تقييد، تماماً كما فعل والده الراحل مع الأمير الحسن، فلماذا لا يرى الأمير حمزة الأمر من هذا المنظور، وهل الاقتداء بالحسين رحمه الله والتسليم بقراراته يكون مقتصراً فقط على جزءٍ منها وليس على كليتها؟





الأمير حمزة، مثل أي ابن في محله، متعلق بوالده الراحل إلى أبعد الحدود، ولذلك أتمنى عليه أن يتخيل لو كان الحسين رحمه الله حياً بيننا اليوم، فهل كان سيرضى بأن يصمم أحد أبنائه الأعزاء على المناكفة والمعارضة ورفض طي صفحة العتاب والانصياع لأمر الملك الدستوري، أو أن يتسبب لا سمح الله بشرخٍ بين أبنائه الذين لم يفرّق يوماً في محبته لهم جميعاً دون تمييز أو مفاضلة؟





هنا لا أملك إلا أن أكرر رسالة نشرتها في هذه الصفحة في العاشر من نيسان الماضي أثناء قضية الفتنة، لعلها تصل اليوم إلى صاحبها ويتفكّر بمعانيها:









لو أُتيح لي، بِقُدرةِ قادِر، أن أهمس في أذن سمو الأمير حمزة بن الحسين، حفظه الله، بضعة كلماتٍ في هذه اللحظات المصيرية، سأبوح له بهذه النصيحة الصادقة…





يا سيدي، في عشية مئوية هذه الدولة، لا تسمح، حاشى الله، أن يصبح اسمك عنوان لا عنوان غيره لحلقات الردح والشتائم بحق أخيك وملك هذه المملكة حسب دستورها الذي نحترم ونقدس…





يا سمو الأمير، نحن جميعاً، هكذا شاءت الأقدار، نُبحِر على متن قاربٍ واحد، شِئنا أم أبينا، وسط إقليمٍ ملتهب ومحيطاتٍ مائجة، بل وعواصف هائجة، وأنت يا سيدي خير من يدرك أن من يتعمّد أن يثقب هذا القارب، كائناً من كان، هو حتماً عدو كل الأردنيين، إلى يوم الدين…





يا سمو الأمير، من يحيي حفلات الإفك والطعن والذم والقدح اليومي بأخيك جلالة الملك وبعائلته التي هي عائلتك، لن يتوانوا أن يطعنوا بك وبأهل بيتك أنت بعد حين…





فهؤلاء يا سيدي قد أحرقوا السفن ومزقوا جوازات سفرهم، وهم يعلمون أنهم لن تطأ أقدامهم أرض عاصمتنا إلا بعد أن تتدمر وتحترق فوق جماجم أهلها في حربٍ أهلية وصراع على الحكم، لا سمح ولا قدر رب العالمين…





فقط أنت وحدك يا سمو الأمير قادر أن تحسم هذه المسألة وأن تلجم هذه الأصوات، فهل كان سيرضى المغفور له الحسين رحمه الله أن يرى اسمك وهو يتم زجه واستغلاله وتوظيفه للنيل من ابنه الأكبر بهذه الطريقة التحريضية التي لن تؤدي إلا للفوضى والدمار؟





الوضع حرج والوطن بحاجة إلى موقف تاريخي وتضحية كبيرة، فَإِن تَوَحَّدنا وَتَماسَكنا وَتَكاتَفنا، نَجَونا، وَإِن تَفَرَّقنا وَتَنازَعنا وَتَصارَعنا، هَلَكنا، وَأَصبحنا جميعاً مِنَ الخاسرين…