جولان الواوي تكتب : ذكاء المسافة في العلاقات الاجتماعية اول خطوات النجاح

للناس طاقة استيعابية محدودة على تحمّل مشاكلك والتورط في تفاصيل حياتك، وعليك أن تتوقف في مرحلة ما عن تحميلهم ما لا يطيقون الا إذا كنت تعرف بأنهم قادرون على مساعدتك دون أن تنبس بكلمة..
مهما كان حجم العلاقة بينك وبين أي شخص في العالم، فلن يكون من الممكن أن تُشاركه كل مشاكلك وأفكارك ومخاوفك، وليس شرطاً أن يكون ذلك خوفاً منه وإنما قد يكون خوفاً عليه..
عاجلاً أو آجلاً ستجد نفسك وحيداً في بعض الأزمات، ستجد بأنّ الجرح أكبر من قدرتك على شرحه، والحمل أثقل من اقتسامه مع غيرك، و أن مجرد الحديث عمّا تشعر به يزيد آلامك، وبقدر ما كنت تشعر بالراحة عند الحديث مع غيرك، ستشعرك العُزلة براحة أكبر..
كلما توّغل الإنسان في عمره أكثر، كلّما أدرك بأن الزهد أسمى مراتب الحياة، ومن ضمن ذلك، الزهد في الكلام.
يصل المرء منّا إلى مرحلة فاصلة في حياته، إذا لم يكن للناس حولك القدرة على فهمك دون أن تتحدث فلن يكون لك القدرة على توصيل مشاعرك إليهم.
ليس الأمر سيئاً كما يبدو، و على العكس، فقد تكون هذه المرحلة من الحياة أكثر مراحلنا سلاماً وسكينة، ذلك أننا قُلنا كل ما أمكننا قوله حتى نفد الكلام، وبذلنا أقصى ما لدينا من عواطف، وظلّ الشعور راسخاً فينا، لا يدركه إلا من كان يوماً أقرب إلينا من أنفسنا، وكانت حاجته إلى كلماتنا لا تُذكر..
فجأة ينقشع غبش الحياة وفوضى المشاعر والحاجة اللحوحة للآخرين، و تجد بأن الحياة أكثر هدوءاً فتعيش حاضرك يوماً بيوم، خالياً من التوقعات، و يبقى الماضي لك وحدك، لا حاجة لشرحه مراراً وتكراراً فلن يفهمه غيرك، والمستقبل حيث هو، لن يصيبك منه إلا ما كتب الله لك..



















