رماح الهلسة : أ.د مصلح الطراونة .. غاب وجاب … ذخيرة من الكتابات القانونية

عرفتموه سياسيا" ونائبا" علا صوته عندما تطاول اشباه الرجال على قوت وأموال الأردنيين وخير هذا البلد، فكان صوته هادرا" مجلجلا" تحت القبة. قد تتفق معه سياسيا" وقد تختلف، وقد توافقه الرأي وقد تعارضه. ولكن كل هذا لا يشكل إلا جانبا" يسيرا من شخصه.
انه الاستاذ الدكتور المحامي مصلح الطراونة القانوني والأكاديمي المميز وبشهادة واجماع كل من تعامل معه وعرفه.
وقد اعطتني هذه الحياة الفرصة لأن اكون احدى طالبته في القاعة الدراسية، فظهر لي ولزملائي جانب جديد من هذه الشخصية الفريدة، عندما يطل بسمرته التي تمثل لون الجنوب الذي عشق، وعندما يبدأ في نسج حروف المعرفة بصوته الكركي الأبي الذي ما غيرته المدنية ولا الجامعات الغربية ولا بدلت من نقاء لهجته،
فأذ به يحول القاعة الى محراب علم ومعرفة، ليصمت الجميع أمام هذا الشلال الهادر من الفيض القانوني فيعيد بهذا الصمت للعلم قدسيته وللمعرفة الاكاديمية جلالها.
وعندما ينهي سرد عشقه القانوني لطلابه، تجده خارج الصف المعلم المبتسم المعطاء، الذي تشعر بفرحة عندما يدغدغه أحد طلابه بسؤال أو استفسار، فيعطي من غير توقف ويفيض من غير حدود، أنه الأكاديمي الذي يعيد الامل، و النبراس الذي يضيء العتمة التي اجتاحت الصروح العلمية.
وأدا التقيته في مكتبه، تجده القانوني المخضرم الذي أرهقه ضميره القانوني قبل اصدار اي حكم، رغم ما له من باع طويل في القانون والتحكيم، ولكنه مازال الى اليوم يكتب ويراجع ويدقق كل حرف وكأنه يصدر حكمه الاول، لأنه يترقب ارضاء الله والضمير قبل اي شيء.
و تجتاحك الدهشة عندما تقف في مكتبه وتنظر حولك، ينتابك شعور بالفخر لأنه حول مكتبه الى خلية أكاديمية لجميع طلابه دون فرق، مستبيحين مكتبته القانونية التي تعج بأمهات الكتب ليستفيدوا من المعرفة والعلم، فلا يبخل بوقته وعلمه مهما صغر السؤال او كبر الاشكال على الطلاب أو الزملاء دون انتظار اي مقابل. وبعدها يغادرا عرينه تاركا" مكتبه الخاص" لطلابه وزملائه مودعهم بابتسامة تعلو محياه وتزداد كلما عج هذا المكتب بالأستاذة والقانونيين والطلاب
هذا الأكاديمي والقانوني المصبوغ بسمرة الكرك، والذي تفوح منه روح وصفي التل كلما حدثك عن عشقه للأردن وتراب الأردن، وعندما تشتم في حديثه رائحة المزار في جنوب الكرك، سجل اليوم إضافة نوعية الى المكتبة القانونية العربية وميز المكتبة الأردنية بإصداره ثلاثة كتب جديدة في التحكيم بمشاركة زملائه، منهم زميلي المهندس القدير الخلوق خالد قول، والذي كان لي الفخر بأن عملت معه بأحد المشاريع المهمة في العاصمة الحبيبة عمان.
هذه الكتب النوعية خضع اثنين منهم للتقييم الأكاديمي العالمي، فحصلا على الدرجة الكاملة اكاديمياً واصبحا مرجعين يعتد به في الجامعات، وبذا سجل إضافة نوعية ومرجعية قانونية جديدة.
مبارك للأستاذ الدكتور المحامي مصلح وزملائه تعب ايدهم، وهنيئا لاردننا الذي يثبت كل يوم ان مشاعل النور ستبقى تضيء العتمة.



















