م. معاذ مبيضين يكتب : اقتصادنا وتأثير دومنيو إنهيار البنوك الامريكية .

أثار خبر انهيار بنكي "سيليكون فالي" و"سيغنتشر" مخاوف الكثيرين حول العالم من سلامة النظام البنكي للاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصاديات العالم، وسرعان ما أكدت جمعية البنوك الأردنية بأن البنوك الأردينة بمنأى عن تداعيات انهيار البنكين. قد يكون هذا النفي صحيح اذا ما اقترن بعامل الوقت، والذي يستند على حقيقة أن البنوك الأردنية لا تمتلك ودائع أو أموال موظفة في البنكين كنتيجة لطبيعة الاختصاص الذي تمارسه تلك البنوك والمختصة في قطاع الشركات التكنولوجية الناشئة والعملات الرقمية، هذا بالاضافة للسياسة المتحفظة التي تنتهجها البنوك الأردنية في إدارة اصولها، والرقابة الفاعلة من البنك المركزي على عملياتها.
شعور المستثمرين الامريكين بالقلق، قاد كثير منهم في اليوم الاول من التداول في سوق الأسهم بعد حادثة انهيار البنكين، الى عمليات بيع على العديد من أسهم البنوك، مؤدياً الى تراجع أسعار أسهم الكثير منها كسهم فيرست ريببلك الى ما يقارب ال 70% وذلك قبل ايقاف التدوال عليه، وامتداد ذلك الى سوق الأسهم الاوروبية وما حدث لسهم كريدي سويس.
في سبتمبر من العام الماضي كشفت دراسة للبنك الدولي أن العالم قد يتجه نحو ركود اقتصادي في 2023 وسلسلة من الأزمات المالية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ستُسبِّب لها ضررا دائما، وذلك مع قيام البنوك المركزية في أنحاء العالم بزيادات متزامنة لأسعار الفائدة لمكافحة التضخم، منذراً بزيادة تباطؤ النشاط الاقتصادي وانزلاق مزيد من البلدان في غمرة الركود.
بمفهوم علم ادارة المخاطر ، هناك ما يسمى بتأثير الدومنيو (Domino Effect) وهو تفاعل تسلسلي للأحداث يمكن أن يضعنا في صورة تأثير انهيار البنكين على اقتصادنا بشكل غير مباشر، فالاقتصاد االعالمي يعاني من حالة ركود تضخمي لم تنجح سياسات رفع اسعار الفائدة في كبح جماحه مهدداً بأزمة عالمية باتت تلوح بالأفق مع اهتزاز النظام البنكي الأمريكي.
أردنياً، تشير التوقعات الحديثة وأبرزها ما جاء في تصنيف وكالة ستاندرد اند بورز الى نمو بمعدل 2.9% خلال الثلاث سنوات القادمة بناء على الاستمرار في تنفيذ الاصلاحات الهيكيلية واستمرار الدعم المالي من الدول المانحة وأبرزها امريكا والتي قد تتذبب مِنحها للأردن في حال حدوث ازمة اقتصادية كازمة عام 2008.
تعد زيادة الإنفاق الرأسمالي أهم ركائز دفع عجلة االاقتصاد وخط الدفاع الأول في مواجهة آثار اي أزمة اقتصادية محتملة، وهو ما يمثل استراتيجية استباقية لرفع معدلات النمو على المدى المتوسط والطويل، فنحن بحاجة اليوم لمشاريع تحولية والالتزام بتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي وبرنامج عمل اولويات الحكومة، وكل ذلك ممكنا بتكييف بعض بنود الموزانة واعادة ترتيب اولويات مشاريعها، أما على المدى القصير فهناك ضرورة الى تخفيض ضريبة المبيعات لتنشيط حركة السوق وتسريع حركة دوران النقد، فما ستفقده الحكومة كجزء من ايراداتها نتيجية التخفيض، سيعود لها على شكل زيادة في ايرادات ضريبة الدخل نتيجية تنامي أرباح الشركات، وهو ما تم تجربته وتأكيده بإرتفاع الايرادت الضريبية خلال العام 2022 والمقرون بتخفيض نسبة ضريبة المبيعات على بعض المنتجات، والتي لجأت اليها الحكومة لكبح جماح ارتفاع الاسعار المتأثرة بجائحة كورونا والحرب الروسية – الاوكرونية وهو ما اعادت التأكيد عليه وأشادت به وكالة ستاندرد اند بورز بخصوص تخفيض التعرفة الجمركية والتي انعكست ايجاباً على نسبة التحصيل الجمركي بشكل عام.
م. معاذ المبيضين
خبير بالتخطيط الاستراتيجي والرئيس التنفيذي لمركز مؤشر الأداء للدراسات والاستشارات



















