فايز الفايز : ما الذي قصده رجائي المعشر؟

الرجل الفاضل والشخصية الوطنية رجائي المعشر، لا ينتظر منا شهادة حسن سلوك وطني، وبعكس الزملاء وأحباب الرجل المحترم، فأنا لا أعرفه بشكل جيد ولا حتى تعاطيت معه وزيرا ثم نائبا لرئيس الوزراء، ولكني أعرف شجرته الضاربة في قاع الأرض الأردنية وأغصانها تعانق السحاب، تماما كما كل العشائر الأردنية المسيحية من جنوب الكرك حتى شمال الحصن، ومع هذا قرأت مقالة المعشر في (الرأي) وتضمنت فقرة مختصرة لها دلالات هامّة بما يخص الكنائس والتمثيل المسيحي، وما بين تاريخ رجل عمر قومه ألف عام وطني، فيما آخرون أضاعوا هويتهم أو لم يعرفوها?أصلا.
هذه هي المقالة الثانية للمعشر خلال سنتين بذات العنوان الجميل: (الأردنيون المسيحيون). ويرى المعشر من وجهة نظره الصحيحة تماما، أن هناك البعض من الناس أو من فئات بعينها يحاولون سلخ الأردني المسيحي عن تاريخه العربي وثوابته الوطنية بعد أكثر من قرنّ ونصف، وقبل ذلك لمئة وأربع وأربعين عاما شهدت بلاد الشام العديد من القبائل العربية المسيحية التي استوطنت أرض الأردن قبل بعثة النبي عليه السلام، أو كما يحدث في كل مناسبة جميلة أكانت أعياد ً أو وفايات أو غيرها من المناسبات، وهذه بالنسبة لنا كأردنيين لا نقبلها ونرفضها قبل?أن يرفضها الأخ المسيحي، ولكن المعشر لديه أكثر مما لم يقلّـه.
من جانبنا نرى أن التمييز بين الكنائس الراتبة والأساسية ذات التاريخ البعيد هو حيف قانوني وأدبي، ولكن في المقابل و ما نراه من أمهات الكنائس المسيحية الشرقية يلزمنا باحترام البُعد التاريخي لتلك الكنائس بوقارها وانتمائها الوطني عبر العصور المسيحية و الإسلامية، وهذا ما استشكل عليّ، فقد نشرت مقالة من السوابق أدعو فيها لمشروع وطني مسيحي كي لا تبقى بعض الأصوات تعيد إسطوانتها المرة تلو الأخرى، ويبدو أن سوء الفهم أدى الى معارضة الأب، فكتب مقالة استفدنا منها إن الحياة جميلة بعيدا عن التدين.
ومع ذلك يرى رجائي المعشر أن اعتماد رجال الدين المسيحي كممثلين للأردنيين المسيحيين في الشؤون السياسية والمناسبات العامة يجب أن لا يكون على حساب الشخصيات العامة والهامّة المسيحية، أو هذا ما فهمناه، ومع ذلك فإن تلك اللفتة هي ما تسير عليها الدولة، بعكس المجتمع الأردني المسلم، فلا نرى سوى عدد قليل من المشائخ أو عبر مناصبهم الشرعية، ولهذا يجب أن يتم إعادة تقييم للبعض، فمن غير المعقول أن يمثل اليوناني أو الرومي أو أي شخصية محترمة منهم، الأردني المسيحي، وعلى الأقل أن يتم دعوة الشخصيات المسيحية لمناقشة أي قضية تخصه?، أو لأي احتفال وطني، كي تبقى تلك الروح الوطنية لإخوتنا بعيدا عن التمييز الشخصي.
القضية الأخرى التي أوردها المعشّر أن هناك ممن يحملون صفة تشريعية أو «إكس سيناتور» على رأي البدوـ يحاولون وضع تشريع للأحوال الشخصية للأردنيين المسيحيين، كل هذا بعد مئة عام من قيام الدولة الأردنية، ورغم أن الإخوة المسيحيين كانوا يعتمدون نصوصا من الشريعة الإسلامية لإدارة شؤونهم الخاصة والعامة إلا أن قضية المواريث باتت تزعج العديد منهم، حيث يتم غمط حقوق البنات والنساء عند البعض لأن النص الذي يعالج تلك الحالات غير عادل، بل قد يحرمهن، وهذا ما يجب أن يُسن لمنح كل ذي حق حقه.
وحتى أخرج من صلب الموضوع، فإن رأيي أو تقييمي لأي شخصية وطنية قد تأخذ مني قراءة تاريخية، ولكن عندما تتوفر المعلومات الجيدة والأكيدة عن أي شخصية فإن من المعيب على البعض أن يتناولوها بالهمز والغمز والتشكيك، قد تكون الشخصية الحكومية مثار خلاف حتى لو كان صاحبها صاحب خُلق جمّ، ولكن أن تتكالب الأصابع سعيا للإنتقاد الشخصي، فتلك خِسة يجب أن يتخلص صاحبها منها. ــ الراي



















