+
أأ
-

زليخة ابو ريشة : مستشفى الجامعة الاردنية ينقصه الكثير

{title}
بلكي الإخباري





أنا أحب مستشفى الجامعة الأردنية، وأشعر أنها بيتي. ومثلما كنت أوَّلَ من افتتح الجامعة الأردنية كطالبة، فأنا من أوائل نزلائها ولم يمض على تأسيسها سوى شهور. كان ذلك عام 1975 عندما وضعتُ ابنتي ربى. كانت المستشفى قفزةً في مؤسسات الطب العلاجي الأردنية وفي الإمكانات العلمية والإدارية التي وراءها. ومع أن الإشاعات سعت بين يديها حول الفخامة الخيالية والإسراف فيها، تلك التي كان يروجها الإخوان حول كل نجاح وطني، إلا أن حقيقتها كانت: كفاءة ورفعة وإتقاناً. لقد تجولتُ، وعبر عقودٍ مهولة، في جميع أقسامها، نزيلةً ومستشفيةً أو زائرة، وما واجهتُ عقبةً مستعصيةً على حلّ، سوى أن مستواها الطبّيّ رفيع، وبنيانها ومعداتها وأثاثها في تراجع وتآكل. إذ لا يعقل أن بعض أجهزة الكمبيوتر تتعطل، وكذلك أجهزة قياس الضغط، ناهيك عما تيسَّر من أخرى.
وإذا كانت المستشفى تابعةً في جانبها التخصصي لكلية الطب في الجامعة الأردنية، فإننا نفهم المستوى العالي في الجانب العلاجي التخصصي، ولكنه يتعبنا أن نتقبل أن كل طبيب متخصص يقابل في فترة عيادته من التاسعة حتى الثانية عشرة، ما ينوف عن مئة وعشرين مريضاً. كما كيف لنا أن نستوعب أن بعض الأخصائيين الأساتذة لا يستطيعون القدوم دوماً إلى العيادة في مواعيدها، نتيجة انشغالهم بعمليات جراحية مفاجئة، أو تدريس جامعي وامتحانات؟ كل هذا الإرباك سببه نقص حاد في عدد الأطباء من أهل الاختصاص، وكل هذا التآكل لنقص حاد في ميزانية المستشفى.
إن الضغط الهائل على هذه المؤسسة جعل من القدوم إليها والعلاج فيها قطعةً من العذاب. فأنا مثلاً أحتاج إلى يومين من الراحة لكي أتعافى من زيارة عيادة واحدة، تستغرق في العادة عدداً من الساعات، بين انتظار، ومعاينة، وفحوصات ، ومختبرات، وأشعة، وصرف أدوية، وصفّ سيارة، وانتظار في رتل السيارات الداخلة والخارجة…. وغير ذلك من تفاصيل يشترك فيها معي في الأمكنة والأقسام والممرات والمصاعد وغرف الانتظار مئاتُ المرضى ومرافقيهم، مثل حالاتي.
ومع ذلك، لا يمكنني لوم إدارة المستشفى على ما هي فيه البنية التحتية من ازدحام وتداعٍ، ما دامت الميزانية، كما هو واضح، لا تفي بتلبية حالة الرفاه والإتقان المطلوبة. الميزانية التي لا تتناسب والأعداد الضخمة التي تقصدها في جميع أيام العمل. الميزانية التي يحتاج تدبّرها إلى تفكير خلاق.
ولا أدري لمن أوجه هذا النداء إذن، ومديونية الدولة نفسها تتضخم بصورة مفزعة!