د. عصمت حوسو تكتب : ما هو النجاح؟!

هو غاية كل إنسان، وحلم البشر ومطمعهم، فهو جواز السفر نحو مدن التفوّق والتميّز.
ولكنّ النجاح لا يقتصر على مقعد حرير، ولا مال كثير، ولا منصب وفير، ولا رصيد ضخم أو قصر فخم، ولا حتى وسيم أو جميلة تتزوجوهما؛ النجاح ببساطة عندما تكون، وعكسه عندما لا تكون فتغدو يائسًا بائسًا عند أول فشل؛ فالنجاح ليس عكس الفشل، وإنما عند قبول الفشل والاستمرار به.
هذه هي وصفة النجاح وهي متوفرة دون حاجة لوصفة حمراء من الأطباء :-
-أن تكون قائدًا، فتختار أهدافك وطموحك بنفسك، وتعيش رحلة حياتك كما تريد أنتَِ لا كما يريد الناس أو كما يمشي القطيع، فتصبح حرًّا في إرادتك ومستقلاً في تفكيرك، فتمضي حياتك في التعلّم والإنجاز والعطاء.
-أن تكون شجاعًا حتى وأنت خائف، فتواجه مخاوفك بقوة وثبات، وتواجه مشاكلك بإصرار وإرادة، وتكون واثقًا أنك ستتغلب عليها دون جبنٍ أو خجل، فلا تعترف بعقبات الحياة ومشاكلها إلاّ بأنها درجات لسلّم النجاح فتركض عليها وتقفز دون توقّف، وتصبح كذلك غوّاصًا ماهرًا في أعماق المحيط لا البحار فقط، وتكون متأكدًا أنك ستصل أخيرًا لشاطىء الأمان والراحة.
-أن تكون غني باليقين بالله واليقين بذاتك وقدراتك، وفقير جدًا باليأس والقنوط، وتكون متيقّنًا أنّ الأبواب مهما أغلقت بوجهك ستكون هناك أبواب مفتوحة على مصراعيها لك، فتصبح واعيًا بأنّ المطلوب منك السعي فقط.
-أن تكون ناهضًا شامخًا بعد كل سقطة، وتعرف كيف تنهض من جديد بعد كل عثرة، فتتعلم أنّ النجاح هو الانتقال من فشل إلى فشل دون فقدان الشغف والحماسة.
-أن تكون متقبلاً لأخطائك ومتعلّمًا منها دون تكرارها، وأن تدرك بأنك بشر فقد تخطىء وقد تُصيب، وقد تسلك طرقًا ودروبًا لا توصلك لغاياتك فتغيّر الطريق قبل فوات الأوان.
-أن تكون حكيمًا وفهيمًا متفهّمًا، وتتعامل باحترافية في كل موقف ومع كل مشكلة، فتراكم من خبراتك وتطوّر مهاراتك وتزيد من تجاربك.
-أن تكون مدركًا بأنّ طريقك نحو النجاح وعرًا ومعتمًا ولكنك متيقّنًا أنك ستصل في النهاية نحو الطرق المعبّدة والمشمسة، وأن تكون مؤمنًا أنّ كل خير يحمل في طيّاته شرًّا، وأنّ كل شرّ وراءه خير، والمهم أن تكون محترفًا في قراءة المشهد وتحوّل المحن إلى منح فتغتنم الفرص في كل أزمة، وتستمتع بالنعم ما ظهر منها وما بطن بعد كل مصيبة حلّت عليك.
-أن تكون متصالحًا مع نفسك ومع ماضيك قبل حاضرك، فتدرك أنّ الماضي بحلوه ومرّه ما جعلك ما أنت عليه الآن فتمسي مركّزًا على قوة الآن والآن فقط لأنه ما بين يديك، فتحبّ ما تملك وتصون النعم، وتدرك حينها أنك دومًا تريد ولكنّ الله يفعل ما يريد، فتصبح إيجابيًا وتقدّر ما لديك مهما صغُر.
-أن تكون مشبعًا بثقتك بنفسك ولا تتلهّف على ثناء البشر ولا تتسوّل حبهم وتشحذ اهتمامهم، وتكون مكتفيًا بنفسك ومستمتعًا برفقتك؛ لأنّ دافعيتك داخلية وتحفيزك ذاتي، وحينها لن تقدّم الآخرين على نفسك ولن تجلس في مقعد الضيافة.
-أن لا تكون رهينة لآمال المستقبل، وما عليك سوى أن تفكر وتخطط وتسعى وتنفذ بقوة الآن، وتترك الغيب إلى أن يصبح حاضرًا بين يديك، فتصبح من أهل اللحظة وتتقنها وتستمتع بها، فلن تقلق ولن تحزن بل تتسلّح بالتفاؤل وتتوقع الخير لك وتتمناه لغيرك.
النجاح أسلوب حياة وليس مهارة ولا شطارة، فهو منهج تفكير واستمتاع بالرحلة قبل الاستمتاع بالوصول نحو محطة الهدف، فهو ليس مكانًا ستصل إليه وإنما ما تفعله وتنجزه كل لحظة قبل الوصول دون كلل أو ملل.
تمعّنوا في هذه الوصفة وستجدونها في متناول أيديكم..
دةعصمتحوسو



















