"قمر في الشمال"

الدكتور ايمن دولات .

هي نجمةٌ ضاحكةٌ ، تارةً تُحلِّقُ بنا قرب القمر وتارةً تَسير قافزةً في السماء ، وتارةً يتراقصُ انعكاس وجهها في أكواب الشاي الغافيةِ على أنامل العاشقين الشاخصين بأبصارهم نحو جدائلها السود بشوقٍ حد الوجع.

تلكَ إربد نَجمةُ الشمال وكل شمال ، وبدر الاتجاهات الأربع وقمرة العَتمة التي رافقت طفولتنا وصبانا وشبابنا وشيبنا ، فمنذ ولدنا ونحن نتنفس رائحة حياتك خبزًا وملحًا وريحانا جميلَا ، يا الله كم عانقنا قلوبنا في حضورك ، وكم تنسمنا طعم البسمة وصوت النور في قوافل فرحك التي امتدت كسرب طيور مغرد يمتد من شجرة زيتون في سهل حوران إلى ياسمينةً زاهية القلبِ في الحمة.

آه يا إربد ، أواه يا فاتنة الفاتنات ، كم اتكئنا عليكِ بعجزنا وشربت من ضياءكِ مقلنا واستقينا من نوركِ فرحنا ، وآه كم نحن ضائعون خجلون قرب قلوبكِ ، تائهون بعيداً عن حجارتك ومائك.

إربد: يا نور وادي الريان وسمو الشونة وشموخ وصفي التل وفتنة بيت يافا ، الليلة نَعترفُ بظلامنا دونكِ ونُقرُّ بحاجتنا إليكِ ونتضرع لله لأجلنا ولأجلكِ ، فهلا نشرت ضياءك غفراناً فوق هامات الظامئين لشعاعك يعيدنا إليكِ ويعيدكِ إلينا ، فكما أن لماءكِ لون آخر ولهوائكِ طعمٌ آخر ولترابكِ سِحرٌ آخر ، إربدنا -نجمة الشمال- والله إنَّ ابتسامتك العائدة لنا ، عُمرٌ آخر !