د.ميساء المصري تكتب : الكيان الصهيوني بين إجتياح التهجير ...وبرية القرار .

يقال ان السياسة والدين مصدر قوة ،وفي إساءة إستخدامهما خطر على الحياة العقلية ،فما بالك لو كان سو إستخدام مضاعف ! وهذا ما سمعناه في مظاهرات تل أبيب حيث صرخ الصهاينة ضد نتنياهو وقالوا "هل فقدت عقلك " .
وما بين العقل والجنون في أسوأ هجوم على الكيان في تاريخه، وللإسبوع الثالث من الحرب ،تتباين موازين القوى واستمرار القتال والإنتهاكات وإختلاف مفهوم النصر ،والمعايير برمتها،لتظهر نقاط قوة وضعف في سياقات متعددة لطرف دون غيره. لنبدأ بنتنياهو نفسه،الرئيس غير المنتخب ،أعمى الفكر والمنطق ، ففي علم السياسة ان افضل حكومة هي التي توجد فيها أقل عدد من الأشخاص عديمي الفائدة ،فماذا ونحن نصف حكومة نتنياهو التي تقود شعبها وجيشها نحو نفق مظلم .فقد بات الكيان اليوم يعاني من إنهيارات الثقة ،من رئيس ملاحق قضائيا على تهم عدة تضاف لها تهمة الإخفاق الأمني وإخفاء أسرار تهم أمن الدولة وإحراق دلائل مخابراتية خاصة بعملية 7 أكتوبر .وتهم دولية كمجرم حرب وقاتل أطفال ومدنيين. في الحروب لا شيء بعيد عن السياسة فكل القضايا هي قضايا سياسية، وحرب غزة كشفت هشاشة المجتمع الصهيوني المصطنع المتعدد الجنسيات، والتفرقة العرقية والعنصرية عموديا وأفقيا وظهرت علنيا بمفاضلة نتنياهو في التعامل بقضية الرهائن والأسرى حسب الجنسية والعمر مما سبب أزمة أخلاقية للحكومة في الشارع الصهيوني وتداعي عسكري وسياسي وصل للكنيست نفسه .وتنامي ضعف الروح الوطنية وتراجع الثقة بالحكومة والجيش والإستخبارات.
مظاهرات اليهود خارجيا وداخليا عرت التشاؤم تجاه مستقبل الكيان الصهيوني وهجرة ملحوظة للبحث عن بدل لحياة أكثر أمنًا واستقرار ..وبدلا من التهجير الفلسطيني شاهدنا النزوح الصهيوني إلى مدينة الخيام في إيلات في أول نزوح نراه بفترة زمنية قصيرة . لمن سيبقى في الكيان، فقد بات هناك منظمات لتنسيق عملية الهجرة الى إيطاليا وغيرها مثل منظمة (بيرجيتو باتيا) و(سفينة نوح) وتأشيرات مفتوحة إلى أمريكا ،ومنازل باتت خالية من السكان وأصبح الكيان يسمى بالمشروع الإسرائيلي المنحرف وبأن مجتمع الإحتلال فقاعة سرعان ما ستنفجر. ولمن يرى الحقائق ،فإن المظاهرات العالمية المليونية المؤيدة لفلسطين و وقف الحرب على غزة لم نجد مقابلها مظاهرة واحدة تدعم الكيان الصهيوني .حتى لو كانت بعض الشعوب عربيا خرجت بتنسيق مخابراتي وأخرى صمتت .الا إن الكيان أخفق إنسانيا أمام العالم أجمع بعد إنحلاله إعلاميا رغم كل التمويل الضخم لنشر الأكاذيب الصهيونية إلا أن الشعور العام عالميا هو الكره المتزايد لهم ولسطوتهم. أخرها كذبة إستخدام حماس للسلاح الكيماوي ووجود كتاب القاعدة في ملابس الشهداء ،وهو ما يذكرنا بإرهاب فرنسا ووجود جواز سفر عربي في مكان الحادث .وربما قد نشهد عمليات مخابراتية عالميا تحت مسمى إرهابي في الفترة المقبلة .
ومع كل هذا الإنهدام الحاصل يدور الحديث عن حرب برية ،حرب مزدوجة فوق الأرض وتحت الأرض مع شعب لايخاف الموت ،حرب هجينة ،غير نظامية ،مستنزفة. واضحة نتائجها من البداية . والتلاسن والوعيد ببديل لحماس ،هو إختيار مستحيل التطبيق ،وهو عائق صعب جدا في قطاع عقيدته الجهاد .فحين تحارب الأيديولوجبا فأنت تحتاج إلى الصبر والتفكير السياسي العميق .ولزمن طويل من الصراع.
دوليا واقليميا ،في الجانب الأمريكي من الخطير ان يكون الشعب على حق عندما تكون الحكومة على خطأ .وبات ملحوظا الحرج الشعبي والنخبوي من رئيس خرف متناقض كاذب غير مؤهل سياسيا ينفق أموال شعبه على تمويل الحروب ،ومن يراقب محطاتهم الإعلامية يلاحظ تشتتهم وإنقسامهم حول رواية الحرب رغم ما يظهر من تماسك . وتزايد الإستنفار العسكري بنشر صواريخ باتريوت وثاد تحسبا لتوسع رقعة المواجهات ..والتي ستكون أهلية بداية في أمريكا قبل إقليم الشرق الأوسط. من جانب آخر ،نجد البوارج الروسية بصواريخها في البحر الأسود ، وقطعات صينية عسكرية في الخليج العربي الفرقة 44 التي ترابط عند ميناء الشويخ الكويت قادمة من سواحل عّمان ، وتهديدات إيرانية ويمنية وعراقية بحرب طاحنة ...ليكون السؤال هل ستتحمل المنطقة هكذا حرب كونية !!!! ومع كل قناعاتنا بمن المنتصر في حرب غزة ،يبقى السؤال الأهم الذي يطرح بقوة مع الفشل العربي ألا تستطيع الدول العربية والإسلامية إنشاء تحالف سني أو حلف عسكري من الدول الإسلامية ذات الثقل عالميا لتكون على الأقل كقوات ردع أو حماية أو سلام ...ام نحن أضعف من ذلك ومازلنا بحاجة إلى قرار أمريكي!!!!!!كاتبة وباحثة في شؤون الشرق الأوسط.



















