بشار جرار : الشتّامون ألوان وأوزان

في الحرب والسلم -هنا وهناك- وفي أي ميدان كان، هناك حمدان وغضبان وأسماء أخرى اختم به هذه المقالة التي أكرسها للتعريف بالشتّامين، فئة لا يستهان بها للأسف ولا يعلو صوتها إلا في غفلة من العارفين بألوانهم وأوزانهم!الشتم ليس من شيم الكرام بل اللئام. لا ترى شتامين في صفوف الفرسان، ولا المؤمنين العاملين مصداقا لما وقر في قلوبهم من إيمان. الشتم، خاصة بألفاظ بذيئة أو سوقية، كما الاتهام والافتراء جذره واحد، بذرة شر واحدة، لها صنوان: الكذب والكراهية.علّمنا تراثنا الروحي العظيم بخافقيه المسيحي والمسلم، علّمنا أن الكراهية أصل الجرائم كلها. وأن الكذب كان أول عهد الشيطان بالإنسان والذي انتهى بالجميع إلى الطرد من جنة الرحمن، هناك في عدن.ولهذين الصنوين -للكذب والكراهية- عنوان وثغرة هي المشاعر الانفعالية السلبية وأكثرها حدة، الغضب. شتان بين غضبة للحق بمعنى الانتصار له بما يراعي الحق من كل جوانبه لا جوهره فقط، وبين غضب يتمّ تنفيسه ونفث سمومه بهتافات لئيمة خسيسة، وتخريب يطال ملكيات خاصة و عامة، ويعيق حتى إطفاء حريق تسببت به أيادٍ قذرة.لا تكاد دولة في «العالم الحر» إلا وتشهد مسيرات واعتصامات ومظاهرات تدعو إلى وقف إطلاق النار، أو بالأحرى وقف نزيف دماء الأبرياء غربا، في حرب السابع من أكتوبر، ولها حتى الآن اسمان: إسرائيلي هو السيوف الحديدية، وفلسطيني، هو طوفان الأقصى. فمن أين أتت تلك الأسماء التي استبدلت الأقصى بأسماء دول بعينها؟دون الخوض في تفاصيل مثال اكتفي بضربه لاعتبارات قانونية وسياسية، قام أحدهم ولديه سجل حافل بدعم أجندات أقل ما يقال بها أنها مشبوهة، قام -متمتعا- بجنسية اكتسبها بثمن تم تعليبه بحق اللجوء السياسي، قام بتحريض الشباب المصريين بفتح ثغرة بحاجز أمني عسكري للجيش حتى يتمكن الغزيّون من الهرب «الترانسفير» ودخول مصر. هذا المسيء حتى للبلاد التي يحتمي بها، عرض مكافأة مالية قدرها عشرة آلاف دولار لمن يقوم بتلك الفعلة وادعى القدرة على توفير «الحماية» لمن ينفذ «المهمة».هذا المسيء المريب مثله كثيرون، ولم يبلغ به الأمر هو وبمشغّليه حد التغريد علانية بهذا «العرض» الذي تضمن الشتم أيضا، إلا يأسا وغيظا من يقظة الدول العربية -خاصة مصر والأردن- مما قد يجيب عن أسئلة كثيرة ما زالت قيد الانكشاف، لحقيقة ما يجري منذ السابع من أكتوبر.أفضل الرد على الشتامين، الحردان منهم والغضبان، البهلوان منهم وصاحب الهيلمان، هو الرسالة التالية: هذا هو الميدان يا حميدان.. كل يؤدي واجبه في موقعه ينظر في مساره ومسربه، فأي تغريد خارج السرب الوطني والإنساني في هذه المعركة، هو خدمة للعدو -عرّفه كما شئت- العدو هو سافك الدماء التي حرم الله سفكها، وقاتل النفس، وسارق ومخرب الممتلكات عامة كانت أم خاصة، ومبدد جهد من نأتمنهم على أغلى ما نملك: الوطن والإنسان، أولئك هم «الأصدق قولا و الأخلص عملا»، الفرسان، لا يضيرهم مع الله شيء أبدا.. من كان الله معه وكان مع الله صادقا لا حاجة له حتى للرد. نعرض عنهم ونقول: سلاما.. ــ الدستور



















