د . اسامة ابو الرب : استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة يهدد بكارثة صحية عالمية

مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتجاوز عدد الشهداء 15 ألفا، وعدد الجرحى 36 ألفا، و7 آلاف مفقود، وتدمير المستشفيات وقتل الكادر الطبي، فإن كارثة صحية تطل برأسها لتهدد العالم أجمع.يعيش في غزة أكثر من مليوني إنسان، ومع غياب الرعاية الطبية وحالة الاكتظاظ فإن احتمال حدوث تفش للأمراض يزداد، وهذا أيضا قد يزيد خطر حدوث طفرات في الجراثيم مما قد يؤدي لظهور سلالات أقوى وأخطر، والتي يمكن أن تنتقل إلى أماكن أخرى.ومن المعروف طبيا أن تأثير الأمراض المعدية يزداد في الحروب والنزاعات المسلحة بسبب تعطل أنظمة المراقبة والاستجابة، فكيف في غزة التي تعاني نتيجة الحصار الإسرائيلي من ضعف في هذه الأنظمة منذ ما قبل الحرب نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2006.عمدت إسرائيل إلى استهداف مقدمي الرعاية الصحية من أطباء وكوادر تمريضية خلال الحرب. مما فاقم من انهيار الوضع الصحي في غزة.في علم الوبائيات فإن الحروب تؤدي إلى ظهور الأمراض المعدية وتصبح أماكن الحرب بيئة محفزة لانتشارها، وذلك نتيجة تراجع خدمات النظافة وتضرر البنية التحتية ونقص الرعاية الطبية وصعوبة الوصول إليها، فضلا عن التهجير، وجميعها ظروف تترجم بشكل غير مباشر إلى معدلات إصابة مرتفعة بالأمراض ووفيات.مثلا أدت سنوات الحرب في سيراليون خلال التسعينيات إلى إضعاف النظم الصحية وأدت إلى تدهور طويل الأمد في ممارسات مكافحة العدوى. ونتيجة لذلك، حدثت فاشية حمى لاسا في مستشفى منطقة كينيما في 2004.إن انتشار الأمراض المعدية في النزاعات المسلحة يحمل خطرًا حقيقيًا لانتشار العدوى إلى أجزاء أخرى من العالم، ولهذا فإن الحرب الإسرائيلية المجنونة تشكل تهديدا للعالم بأسره، وليس فقط غزة.تشهد الحروب انتشار البكتيريا المقاومة للمضادات الميكروبية التي تجد بيئة خصبة في أجساد الجرحى الذين لا يجدون العلاج المناسب، أو الذين لا يحصلون سوى على أدوية غير كافية أو بجرعات قليلة نتيجة الحرب وعدم توافر علاجات، مما يعطي الفرصة للبكتيريا كي تتطور وتنمي قدرتها على التغلب على هذه المضادات.وقد تتطور مقاومة المضادات الحيوية بسرعة أكبر في حالات الصراع بسبب التشخيص غير المناسب أو أنظمة الأدوية غير المناسبة والأدوية التي عفا عليها الزمن. وقد يكون الامتثال للعلاج ضعيفا بسبب شراء كميات غير كافية من الأدوية، أو انقطاع العلاج مع النزوح المفاجئ أو الوصول غير المنتظم إلى مرافق الرعاية الصحية.يمثل اكتشاف الأمراض المعدية الناشئة واحتوائها ومكافحتها في غزة تحديا كبيرا، وهو ضرورة أخلاقية للتخفيف من آثار هذه الأمراض على سكان القطاع.إن استمرار الجيش الإسرائيلي في عدوانه هو فشل أخلاقي يتحمله العالم، وهو عملية قتل ممنهجة للسكان، فمن لم يمت بالقصف مات بالمرض، وهذا المرض قد يتطور إلى سلالات أقوى ويزيد معدلات الوفاة بيمن سكان غزة قبل أن ينتقل إلى أماكن أخرى في العالم.إذا لم يوقف العالم الجنون الإسرائيلي فقد نشهد قريبا أوبئة جديدة وفتاكة.



















