+
أأ
-

الدنيبات يكتب : مليارات الإبتزاز

{title}
بلكي الإخباري


بلكي نيوز - آراء حرة





زوبعة الثلاثة مليارات، التي أثيرت على مواقع التواصل الاجتماعي بكل أشكاله خلال الأيام الماضية، ووصلت إلى قبة البرلمان من خلال سؤال نيابي، على أنها قضية ثابتة قاطعة بشهادة صندوق النقد الدولي، هي في واقع الأمر ليست كما يصفون، ولم تتضح معالم القضية، وتفاصيلها بعد، ومن ناحية قانونية بحتة، فإن الذين ينادون بإحالة القضية للتحقيق أمام القضاء لا يدركون أن التحقيق في هذه القضية، وغيرها من القضايا المحبوكة جيدا، لن يفضي إلى نتيجة حاسمة، وحكم يقيني.
فالتقرير غير رسمي، وغير منشور، وهو يستند إلى جمع معلومات غير موثقة، أو مدعمة بوثائق رسمية، وقد تكون مجرد تقارير صحفية، تفتقر إلى الدقة، فالذين يقومون بغسيل وتخزين الأموال في ملاذات آمنة وغير آمنة، لا يمكن أن يكونوا على درجة من الغباء، ليتركوا الأدلة تطاردهم، وآلا لما لجأوا لهذه الملاذات، ثم ماذا سيكون الموقف لو ان صندوق النكد الدولي ذاته قد نفى، أو شكك في دقة هذه المعلومات .
وحقيقة الأمر، عن ماذا يتحدث التقرير؟، فالتقرير يقول أنه على مدى عشرين سنة، تلقت الحكومة الأردنية مساعدات وقروض خارجية، وفي ذات الفترة (٢٠ سنة) حوَّل أشخاص، وجهات أردنية مبالغ بقيمة تقارب ثلاثة مليارات دولار إلى ملاذات آمنة وغير آمنة؟ً!
فرغم أن تحويل الأموال العامة بهذه الصورة، على فرض الثبوت، يعتبر جريمة بحد ذاته، لكن كما سبق، فإن هذا التقرير لا يشكل دليلا دامغا على صحة ما يدعيه، ثم ما هو دليلنا على أن هذه الأموال هي في الأصل من الأموال العامة، ثم أن هذا التقرير لا يقيم أي علاقة ثابتة، بين الأموال المهربة، وأموال المساعدات سوى التزامن فيما بينها الذي امتد لعشرين سنة.
إخواني الأعزاء: القضية التي لا يمكن أن تصل بالمدعي، إلى الحكم، ضررها أكثر من نفعها، وهي تضعف الدولة، وتضعها تحت رحمة المبتزين وما أكثرهم، وفي الوقت الذي لا يمكن أن ندين، فإنه لا يمكن أن نبريء أحداً، لكن يجب أن ندرك أن مثل هذه الفتاشات التي تطلقها على استحياء بعض المنظمات والجهات المجهولة الدوافع، وربما المشبوهة، في هذا الوقت بالذات، ربما كان الهدف منها ابتزاز مواقف سياسية وتنازلات، قد تُخسِّر الأمة أضعاف أضعاف زوبعة المليارات الثلاثة.
نعتقد أنه من المبكر إثارة هذا الموضوع قبل جلاء الحقيقة، ووضوح الصورة.
طبعا؛ العلاج الشافي، لهذه وأمثالها، معروف ولكنه صعب، وليس في متناول الأيدي، وهو يتمثل باستعادة ثقة الأمة، التي يطربها حديث الشائعات، في ظل غياب التصريح الرسمي الصريح الموثوق، غياب الثقة التي نتحدث عنها باستمرار، من خلال إصلاح شامل، وبرلمان فاعل، فهذا كفيل بردم وطمر كل هذه الشائعات في مهدها.





بقلم : العميد المتقاعد الدكتور غازي الذنيبات - مدير إدارة المختبرات الجنائية سابقا.