”ما عندي وقت"

رلى السماعين
الاوضاع التي نعيشها ويعيشها العالم فرضت علينا نظاماً حياتياً معيناً كي نتعايش مع الوباء الذي حل بالعالم. على الرغم من قساوة الاوضاع، إلا أن النظام الحالي الذي فُرض تطبيقه على الجميع وبكل مكان، حلّ مكان فوضى عارمة كنّا نعيشها، وأسلوب حياة فيه نوع كبير من الاستهتار، نعيه الان.
لست أعلم كيف انجرفنا سابقاً حتى بات مصطلح "ما عندي وقت" دارجاً على لسان الكبير والصغير، لدرجة صدّقنا أنفسنا وتأقلمنا بمحدودية الزمن، وفقدنا إحترامنا للوقت، وبالمقابل سُرق الوقت منا.
لا أعلم متى تغير الوضع لتحل الفوضى في حياتنا اليومية ويصبح الهدوء والراحة أمران بحاجة إلى تخطيط مسبق للحصول عليهما والسعي لإيجادهما. لكن تغيرت الاوضاع الان ولن نعود يوماً إلى ما كنا عليه سابقاً، وليس المفروض أن تعود الحياة كما كانت، وخاصة إذا كان عند الفرد فكر معين بإعادة ترتيب أوقاته وحياته، ولن يتقدم حتى من كان الافضل بيننا، إذا كان نظره ثابت إلى الخلف، فما بالك عندما تكون الاوقات، كما هي الان، كلها تحدي وفيها وباء أرعب الجميع بكل زاوية في الكرة الارضية التي باتت قرية صغيرة.
لقد تغير الوقت الان، وعليه علينا أن نغير طريقة تفكيرنا ونظرتنا التقليدية للحياة. لن يدرك الجميع وبنفس المستوى الهزة العالمية التي اجتاحت العالم. فالدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء تأثروا بالوباء الفيروسي الخطير، كورونا، فهو العدو غير المنظور وهنا تكمن قوته. ليس فقط غير منظور، بل عابر للحدود وسريع التنقل وهذا ما يجعله خطيراً، عدا عن أنه يحصد أرواحاً بأعداد كبيرة مما يجعلنا، جميع الشعوب، في حالة حرب ودائمي التأهب. ولانه لا يزال البعض تحت تأثير صدمة هذا الوباء غير قادر على التفكير المنطقي، كانت القوانين الصارمة أحياناً هي الحل، وفرضت على الجميع للحد من الاستهتار. والنتيجة بأن الظروف والاوقات الان قاسية على الغالبية منا. لكن نستطيع تحمل قساوة الظروف التي فرضها هذا الوباء ما دمنا قادرين على تلبية التزاماتنا والاستمرار بحياتنا، على أن نحافظ على العدل المجتمعي لان هناك من يتأذى بهكذا ظروف كما علمنا التاريخ.
نحن أمام قرار أن نعيش الوقت بتكافل وتعاضد لانه إما جميعنا نلتزم وإما جميعنا نتأذى. وأما الخوف الذي يشل حركتنا لن نخافه، والعرفان والتقدير يعود لجميع أفراد الاجهزة التي أعطت الكثير في الفترة هذه من دون تذمر في مواجهة التحديات الجمة وخطر المرض الخفي لحماية جميع من هم ضمن حدود مملكتنا الاردنية.
*كاتبة، صحافية، وناشطة سياسية-إجتماعية



















