الزعبي يكتب : مراحل تعامل المجتمعات والأفراد مع وباء كوفيد 19

بقلم : اسامة نعيم الزعبي
الشيء الذي لا يقتلك، يجعلك أقوى. تباينت ردود أفعال الدول والأفراد في تعاملها مع انتشار فايروس كورونا المستجد المتمثلة في استعداداتها وإجراءاتها لمواجهة هذا الوباء، إضافةً الى الإستعدا النفسي للأفراد ومروره في عدة مراحل طوال فترة انتشار المرض. ولعلّ من أهم التغيرات التي تطلبت تأقلم الناس مع هذا المرض هي تعاملهم مع ضرورة بقائهم في البيوت والتي تتطلب الكثير من الجهد لتدريب العقل والنفس لتتكيف مع هذا الوضع الجديد والتي مرت في مراحل متعددة ومتباينة. وعلى الرغم من تشابه هذه المراحل في كثير من الأحيان، إلا أنها تختلف من شخص الى اخر اعتماداً على عدة عوامل مثل خبراته وشخصيته وثقافته في الحياة وقدرته على التعامل مع الأزمات والتغيرات.
مراحل التعامل مع الوباء
أولاً: مرحلة الإنكار:
تعد هذه المرحلة الأولى التي نمر بها عند مواجهة أزمة أو مشكلة. ويرافق هذه المرحلة حالة من الصدمة او اللاتصديق بأن هذا فعلاً يحدث. فمثلاً، عندما بدأ الفايروس في الصين ترددت الكثير من الأقاويل مثل انهم يبالغون في الأمر وأنه لن يؤثر علينا، وبعضهم الاخر يقول أنه لن يصل الينا وأنه سيزول بسرعة.
ثانياً: مرحلة الذعر:
يأتي الشعور بالخوف والذعر بعد انتشار الفايروس بشكل أكبر وارتفاع نسب الوفيات والإصابات به. وقد شعر بعض الناس بالكثير من الخوف والقلق والتوتر بشكل مفرط ومبالغ فيه في بعض الأحيان نتيجةً لفكرهم الباطن وما ينسجه العقل من خيالات حول ما قد يُسببه هذا المرض للعالم.
ثالثاً: مرحلة التصرف:
يختلف الناس في خبراتهم ومعارفهم، ولذلك نجد أن بعضهم قام بالتهافت على الأسواق وشراء اللوازم وتخزينها خوفاً من نقص الغذاء وإمكانية تسبُب هذا المرض في كارثة قد تشُل حركة التجارة وشحن البضائع حول العالم، معتقدين أن مثل هذه التصرفات قد تعطيهم نوعاً من التحكم والراحة النفسية في مواجهة هذا الوباء. وفي المقابل، قام البعض الاخر بالبحث والقراءة عن هذا المرض ومحاولة ابتكار أشياء جديدة للتعامل معه مثل الأقنعة الواقية وأدوات التعقيم وغيرها من الحلول. وفي هذه الأثناء أدرك الكثير ضرورة الإلتزام بالتباعد الإجتماعي والبقاء في البيوت واتباع معايير الصحة والنظافة للوقاية من هذا المرض. وكما لوحظ في وسائل التواصل الإجتماعي، قام البعض بإصدار الشائعات والبعض الاخر بإطلاق النكات ونشر فيديوهات وصور تسخر من هذا الوضع بطريقة فكاهية للتعبير عن شعورهم والتخفيف من وقع الأزمة.
رابعاً: مرحلة الغضب والقلق:
بينما تباينت التصريحات والمعلومات حول المرض ومصدره وأعراضه وتأثيرة على البشر، شعر الكثير من الناس بلإرتباك والقلق والغضب من الوضع المُتسم بعدم الوضوح من قبل الأطباء والحكومات ومنظمة الصحة العالمية. بينما شعر اخرون بالحزن و أحياناً بالغضب من الإجراءات المتعلقة بحظر التجول والبقاء بالبيوت وتحديد الحركة والتنقل بلإضافة الى الشعور بالملل من الجلوس في البيت وعدم القدرة على القيام بلأعمال الإعتيادية اليومية. وقد عبّر البعض عن غضبهم من خلال اطلاقهم نداءات بتخفيف الإجراءات وحظر التجول والسفر ومواصلة الأعمال لما لها من تقييد لحرياتهم وتأثير على مصالحهم وأعمالهم أيضاً.
خامساً: مرحلة التأقلم والتقبّل:
المرحلة الأخيرة التي بدأنا نشعر بها بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من انتشار الوباء، هي مرحلة تقبُل المرض وما فرضه من إجراءات وظروف ومتغيرات على نمط الحياة. وتشمل هذه المرحلة الإعتياد والتأقلم مع الظروف والعودة لحياة الطبيعية بشكل تدريجي مع الإلتزام بإجراءات الوقاية الإحترازية. وأخطر ما في هذه المرحلة هو اعتقاد البعض أن هذا المرض غير خطير وقد زال تأثيره، بينما لا زال الكثيرون يصابون به ولا زالت الدول تعاني في حصاره واستيعاب الحالات الحرجة بشكل يومي.
وختاماً نقول أن قدرة الإنسان على التأقلم والتعايش مع الظروف والتغيرات هي نعمة من الله سبحانه وتعالى منحنا إياها لكي نواصل الشعور بلأمل والسعادة في كل ما نفعله مهما كانت المحددات والظروف. وهنا لا بد أن نشير الى أهمية الإستمرار في التعامل مع هذا الوباء ومع أي أزمة بحذر ولكن ليس بخوف. فهنالك فرقٌ شاسع بينهما.



















