الترشح للانتخابات النيابية القادمة

أ. د. ليث كمال نصراوين*
تستمر الهيئة المستقلة للانتخاب في ممارسة اختصاصها الدستوري المتمثل في التحضير لإجراء الانتخابات النيابية القادمة، حيث قامت مؤخرا بالإعلان عن مواعيد قبول طلبات الترشح، والتي ستكون قبل شهر تقريبا من يوم الاقتراع المحدد في العاشر من شهر تشرين ثاني القادم. وفي هذا الإطار، يجب التذكير بأن النظام الانتخابي الذي ستجرى بموجبه الانتخابات القادمة يقوم على أساس القائمة النسبية المفتوحة، وهو النظام الذي يشترط أن يكون الترشح من خلال قوائم انتخابية لا يقل عدد المترشحين فيها عن ثلاثة، ولا يتجاوز عدد المقاعد النيابية المخصصة للدائرة الانتخابية، وذلك وفق أحكام المادة (9) من قانون الانتخاب الحالي.
إن هذا النظام الانتخابي قد سبق وأن جرى تطبيقه في الانتخابات النيابية السابقة عام 2016. فهو يقوم على فكرة توزيع المقاعد النيابية على القوائم الانتخابية كل بحسب النسبة من عدد المقترعين التي حصلت عليها. فأصوات الناخبين تحتسب ابتداء للقوائم الانتخابية، ومن ثم يتم توزيع المقاعد النيابية التي حصلت عليها كل قائمة انتخابية بين المرشحين الذين حصلوا على أعلى الأصوات فيها.
وعلى الرغم من انتفاء صفة المرشح المستقل في النظام الانتخابي الحالي لصالح الترشح ضمن قوائم انتخابية، إلا أن المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي تعج بالأخبار والعناوين عن أسماء أشخاص قرروا الترشح فرادى للانتخابات النيابية، وبأن "العشيرة" قد اجتمعت واتفقت على أن يمثلها هذا الشخص مرشحا عنها في الانتخابات القادمة.
إن ما نشهده هذه الأيام من تحركات فردية لأشخاص يتسابقون في الإعلان عن ترشحهم للانتخابات النيابية القادمة يتعارض مع أسس النظام الانتخابي الحالي. فالأصل أن تتشكل قوائم انتخابية من أحزاب وتكتلات سياسية على أسس برامجية مشتركة، ومن ثم يتم التوافق على أفضل الشخصيات التي يمكن لها أن تمثل هذه القوائم وتترشح عنها.
أما أن يتم الإعلان أولا عن مرشحين مستقلين ليجتمعوا فيما بعد تحت مظلة قائمة انتخابية واحدة لغايات خوض الانتخابات القادمة فمن شأنه أن يفرز قوائم انتخابية أقل ما يمكن القول عنها بأنها "هشة" وغير متماسكة. فالعمل المشترك بين هذه القوائم الانتخابية سينعدم لصالح العمل الفردي، كما ستكثر حالات التواطئ بين مرشحين اثنين أو أكثر في القائمة الواحدة ضد باقي الأعضاء فيها.
إن نظام التمثيل النسبي يفترض وجود تناغم وانسجام بين المترشحين في القائمة الانتخابية، وأن تكون الأولوية هي ضمان تمثيل القائمة بأكبر عدد ممكن من المقاعد في البرلمان، ومن ثم يبدأ التفكير بشخصية الفرد الذي سيتم اختياره نيابة عن القائمة، لكي يكون مسؤولا عن تنفيذ برامجها وأهدافها الانتخابية داخل المؤسسة التشريعية.
إن المشهد الانتخابي الحالي يعطي مؤشرات قوية بأن نتائج الانتخابات القادمة لن تختلف عن سابقتها، حيث لن يكون بمقدور الغالبية العظمى من القوائم الانتخابية إيصال أكثر من مرشح واحد، بشكل سيبقي على العمل النيابي الفردي في المجلس القادم.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com



















