الدكتور محمد رسول الطراونةيكتب:الصحة في الأردن في ربع قرن:رحلة من التطور إلى التميز

يحتفل الأردن باليوبيل الفضي لجلوس جلالة الملك عبد الله الثاني على العرش، وهي مناسبةٌ غالية على قلوب كل الاردنيين وهامةٌ أيضا ، حيث تُذكرنا بالانجازات العديدة التي تمت خلال ربع قرن من حكم جلالته ، شهدت فيها الأردن تطورًا ملحوظًا في جميع القطاعات ولعل القطاع الصحي أحد أهم القطاعات التي حظيت باهتمام خاص من جلالته من خلال إيعازاته المستمره للمعنيين في أركان الدولة الاردنية للنهوض بهذا القطاع ، إذ لا تخلوا كتب التكليف السامي للحكومات المتتالية من أمر او توجيه ملكي للنهوض بالصحه وإيلاءها العناية والرعاية الخاصة ، وأعتبرت الصحة أحد الخطوط الحمراء ، وربط الامن الصحي بالامن الوطني ،كما ارتبطت صحة المواطن الأردني بالأولويات والاهتمامات الرسمية لجلالته خلال ال 25 عام الماضية ، و أكد جلالته في العديد من المناسبات على اهتمامه بهذا القطاع ، و برز ذلك من خلال زياراته الميدانية الرسمية والمفاجئة ليلا ونهارا ، و كذلك في خطاباته ورسائله الملكية للحكومة.إن من أبرز المؤشرات التي يعتد بها أهل الاختصاص لقياس حجم الانجازات ومخرجاتها : إرتفاع معدل العمر المتوقع عند الولادة من (69,8) في العام 2000 إلى نحو (73) ، وانخفاض معدل وفيات حديثي الولادة من (16) إلى (11) لكل الف ولادة حية، وانخفاض معدل وفيات الرضع من (22) إلى (17) لكل الف ولادة حية، وانخفاض معدل وفيات الأطفال دون الخامسة من (27) إلى (19) لكل الف ولادة حية، هذه المؤشرات وغيرها من المؤشرات الايجابية ما هي الا نتاج إنجازات كبيره وعديده شملت اللبنات الست للنظام الصحي في الاردن ، فقد شهدت الأردن توسعًا كبيرًا في البنية التحتية الصحية ، من زيادة في عدد المستشفيات و المراكز الصحية ، حيث ارتفع عدد المستشفيات في المملكة من 84 إلى 126 مستشفى، وارتفع عدد المراكز الصحية من (685) إلى (695) ، ومراكز صحة الأم والطفل من (337) إلى (504) مما ساهم في خفض معدل وفيات الأمهات لكل مائة الف ولادة حية من (41 ) إلى ( 19 ) ، كما تم استحداث نظام الرصد والاستجابة لوفيات الأمهات؛ الأمر الذي أدى إلى الوقوف على أسباب الوفيات وتقليل احتمالية حدوثها ، وتم تحديث العديد من اقسام الاسعاف و الطوارئ وافتتاح مستشفى الإسعاف والطوارئ في البشير وأنشأت العديد من المراكز الطبية المتخصصة ، منها: مركز سميح دروزة للأورام ، ومركز الجراحات المتخصصة ، الوطني لتأهيل المدمنين، و المركز الوطني لزراعة الأعضاء ، وغيرها من المراكز الطبية المتخصصة .وبهدف تحسين جودة الخدمات الصحية، تم تنفيذ العديد من برامج تطوير الجودة وتحسين الأداء، إذ حصل على الاعتماد العام من مجلس اعتماد المؤسسات الصحية ( 18 ) مستشفى حكومي و( 100 ) مركز صحي و (18 ) وحدة لتصوير الثدي وكذلك قامت القطاعات الصحية الاخرى باعتماد الكثير من مرافقها الصحية.شهد الربع قرن الأخير من عمر الدولة الاردنية زيادة التركيز على الوقاية من الأمراض، من خلال برامج التوعية الصحية المختلفة، وِ التغذية السليمة، حيث تمّ إطلاق العديد من حملات التوعية واسعة النطاق لِـتشجيع الناس على اتباع نمط حياة صحي.إتسمت هذه المرحلة بتكثيف خدمات الرعاية الصحية الوقائية من خلال تنفيذ حملات تطعيم في كثير من المناطق الحدودية لتعزيز خلو الأردن من شلل الأطفال والسيطرة على الحصبة والحصبة الألمانية، وذلك بعد الهجرات القسرية المتتالية إلى الأردن، حيث ارتفعت نسبة التطعيم من ( 90% ) الى ( 98% )، و جرى تنشيط نظام الرصد للأمراض التي يطعم لها ، وإضافة مطاعيم جديدة منها الالتهاب الكبدي ومطعوم فيروس الروتا، وتحسين نوعية المطاعيم، جنباً إلى جنب مع التحري عن الأمراض الخلقية والوراثية لدى المواليد . من ناحية أخرى و في نطاق الحوكمة والتشريعات فقد تم إجراء تعديل على قانون الصحة العامة ليشمل بعض التشريعات، منها تغليظ عقوبة التدخين في الأماكن العامة وإقرار قانون المساءلة الطبية. خلال ربع قرن فضي ، إرتفعت نسبة المؤمّنين من المواطنين الأردنيين بالتأمين الصحي من (18%) في العام 2000 إلى نحو (73%) ، حيث تم تأمين من هم في عمر 60 فما فوق، وتأمين العائلات الاردنية التي لا يزيد دخلها الشهري عن 300 دينار، وشمول مواطنين من شبكة الأمان الاجتماعي و شمول الأطفال أقل من 6 سنوات والحوامل ، واعتبار جميع مرضى السرطان (غير المؤمنين) مشمولين بالتأمين الصحي المدني.في العقد الاول من ربع القرن الفضي ، بدأ تطبيق برنامج حكيم لحوسبة ورقمنة شؤون المرضى عام 2016 ، حيث عملت الوزارة على حوسبة ( 36 ) مستشفى و( 189 ) مركزا صحي ، وبدأ العمل في تطبيق نظام فوترة المستشفيات بإصدار فاتورة محوسبة إلكترونية تفصيلية للمريض ، وتعزز برنامج التحول الإلكتروني، حيث يتم من خلال خطة تحول الكتروني وخطة هندسة الإجراءات وتبسيطها ، والربط مع الأنظمة الحكومية الموحدة واستكمال تطبيق نظام التبليغ الإلكتروني التفاعلي للكثير من الامراض، إضافة لحوسبة العديد من السجلات الوطنية مثل (سجل الكلى، السجل الوطني لوفيات الأمهات، سجل السرطان). اما صناعة الدواء الأردنية فقد تطورت خلال الـربع قرن الماضية بصورة جيدة، وأصبحت صناعة تصديرية رائدة، ونظراً لما تتمتع به من الجودة العالية والسمعة الطيبة فقد تمكنت الشركات الاردنية من تصدير (80%) من إنتاجها لأكثر من (70) دولة في مختلف القارات.في مجال تطوير الموارد البشرية ، فقد ارتفعت المعدلات لكل 10000 مواطن ، فقد ارتفع معدل طبيب من (19,8) إلى (31.7)، وارتفع معدل طبيب اسنان ال (8) وارتفع معدل صيدلي من (7,8) إلى (15) ومعدل ممرض الى (37.5) وهي من افضل المؤشرات في الاقليم . في ربع قرن فضي ، تطورت الخدمات الطبية الملكية كما ونوعا وتوسعت خدماتها في محافظات المملكة ، كما تطور مركز الحسين للسرطان وأصبح الخيار الأمثل للآلاف من المرضى من جميع أنحاء العالم العربي الذين يبحثون عن أفضل علاج شمولي لمرض السرطان ، وتطور المركز الوطني للسكري، وهو في طوره للتوسع في المحافظات، و تطور مركز الخلايا الجذعية بخبرات اردنية وجهز بافضل التجهيزات والتقنيات المتقدمة لتقديم أحدث الطرق المعتمدة عالمياً في الخلايا الجذعية لاستخدامها في الدراسات والأبحاث المتعلقة بالعديد من الأمراض المستعصية والمزمنة.في ربع قرن فضي، تم استحداث خدمات صحية جديدة ومتطورة منها: زراعة القوقعة لعلاج الصمم، والتوسع في عيادات غسيل الكلى واستحداث سجل خاص بمرضاها وزراعة الكبد والكلى والقلب والعمليات التجميلية في الحروق وغيرها. وشهدت الأردن تعاونًا دوليًا واسعًا في مجال الصحة ، مما ساهم في توفير الدعم المالي واللوجاستي بهدف تحسين الخدمات الطبية وِ تطوير البنية التحتية الصحية. هذا مما اسعفتني به الذاكرة العليلة ومما استخلصته من ثلاثين عاما من العمل قضيتها في القطاع العام وكنت في ربع قرن منها شاهد عيان على ما أنجز ، فقد كنت إما صانع و/ أو صاحب قرار صحي أو قريب من صناع القرار الصحي ، ولكني واثق من أن الأردن مستمر في الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة في مجال الصحة، من خلال التركيز على تطوير الذكاء الاصطناعي و الطب عن بعد لِـتحسين الخدمات الطبية وِ توفير الرعاية الصحيةذات الجودة العالية لجميع المواطنين الأردنيين.و كل عام وصاحب الجلالة والاردن بألف خير و الى يوبيل ذهبي و ماسي إن شاء الله . *
مدير الاكاديمية الدولية للصحه المجتمعية ( اياف



















