حكومة "الخصاونة" ليست انتقالية

أ. د. ليث كمال نصراوين*
كلف جلالة الملك الدكتور بشر الخصاونة بتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك على ضوء استقالة حكومة الدكتور عمر الرزاز كنتيجة حتمية بعد حل مجلس النواب الثامن عشر. وستشهد الحكومة الجديدة أولى الاستحقاقات الدستورية المتمثلة بإجراء الانتخابات النيابية القادمة في عهدها، وهذا ما يثير تساؤلا حول مصير هذه الحكومة بعد إجراء هذه الانتخابات، وما إذا كانت تعد حكومة انتقالية يتعين عليها الاستقالة بعد إعلان النتائج النهائية.
فمن خلال استعراض نصوص الدستور، نجد بأنه لا يتضمن أي حكم يلزم حكومة "الخصاونة" بتقديم استقالتها بعد انتهاء الانتخابات القادمة. فهي ليست حكومة انتقالية بطبيعتها، وإنما يفترض بها أن تستمر بعد تشكيل مجلس النواب القادم. وما يثبت صحة هذا الحكم أن المادة (74/2) من الدستور التي تلزم الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها أن تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل لم تتضمن ما يفيد صراحة بأن الحكومة التي تخلفها هي حكومة انتقالية. هذا على خلاف الوضع في السابق، حيث أضيف إلى الدستور الأردني نصا في عام 1954 مفاده أن الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل على أن تُجري الانتخابات النيابية حكومة انتقالية، وهو النص الذي جرى إلغاؤه في عام 1958. ففي ظل صراحة النص الدستوري الحالي الذي لم يعتبر الحكومة التي تتشكل بعد حل مجلس النواب أنها حكومة انتقالية، فإنه لا يمكن الاجتهاد وإطلاق صفة التأقيت على الحكومة الجديدة.
ومع ذلك، يبقى الحق الدستوري لجلالة الملك بإقالة حكومة "الخصاونة" أو قبول استقالتها وإعادة تكليفها في أي وقت، حتى بعد إجراء الانتخابات القادمة، وذلك استنادا لأحكام المادة (35) من الدستور. فمنذ البدء بتطبيق المادة (74/2) من الدستور في عام 2011، كانت الحكومات الأردنية التي تتشكل على ضوء حل مجلس النواب تتقدم باستقالاتها الخطية لجلالة الملك بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية، الذي كان يعيد تكليفها وفق أحكام الدستور. وقد جرى تفعيل هذه الممارسة مرتين في السابق، وهذا ما قد يشجع البعض على القول بأن هناك عرفا دستوريا قد تشكل بوجوب استقالة الحكومة بعد انتخاب مجلس نواب جديد.
إن من المبكر جدا التمسك بهذا العرف الدستوري لكي نقضي بالقول أن حكومة "الخصاونة" سيعاد تشكيلها بعد الانتخابات القادمة، ذلك على اعتبار أن الدستور الأردني قد سمح بتشكيل حكومة جديدة في الوقت الذي يكون فيه مجلس النواب منحلا، بحيث ألزمها بتقديم بيان وزاري إلى مجلس النواب الجديد بعد شهر من تاريخ انتخابه، وذلك عملا بأحكام المادة (53/5) من الدستور. فهذا النص الدستوري يمكن تفسيره على أنه يجيز للحكومة التي تشكلت أثناء فترة حل مجلس النواب أن تستمر في عملها بعد إعادة تشكيل المجلس الجديد، شريطة أن تقدم له بيانا وزاريا خلال شهر من عودته. فيكون الإدعاء بوجود عرف دستوري بوجوب إعادة تشكيل الحكومة بعد إجراء الانتخابات يتعارض مع نص مكتوب في الدستور.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com



















