أ.د صلحي الشحاتيت :- العقوق والنفاق - ظواهر تتفشى في زمن المصالح

في زمننا الحالي، أصبح العقوق بأشكاله المختلفة ظاهرة مأساوية تهدد نسيج العلاقات الإنسانية. لم يعد العقوق محصورًا بعقوق الأهل فقط، بل امتد ليشمل الأصدقاء والأوطان على حد سواء. تلك الروابط التي كانت يومًا ما مقدسة تحولت إلى علاقات هشة تتعرض للخراب بفعل الأنانية والجحود.
عقوق الأهل يعكس ضعف الروابط العائلية التي كانت قديماً تُعد من أقدس الروابط. أما عقوق الأصحاب، فقد أدى إلى تدهور الصداقات التي كانت تبنى على الثقة والمحبة، وتحولت إلى علاقات سطحية تفتقر إلى العمق والأمانة. وأما عقوق الأوطان، فهو الأخطر على الإطلاق، إذ يُظهر انعدام الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والتضحية من أجله.
في هذا السياق، انتشر النفاق بأشكاله التقليدية والمستحدثة، وأصبحت علاقات المصلحة هي السائدة. فهناك من يلبس قناع "صديق الكل"، متظاهراً بالوفاء والمثالية، بينما يخفي داخله مصالحه الشخصية. هؤلاء "أبطال" علاقات المصلحة يلعبون دور الشخص المثالي، صديق الجميع، دون تمييز بين الصالح والطالح.
إن هؤلاء المنافقين هم أعداء الصدق وأعداء الأخلاق، لأنهم يستغلون الضعف الإنساني وحاجات الآخرين لتحقيق مصالحهم. في النهاية، قد ينجحون لفترة قصيرة، لكن الحقيقة لا يمكن أن تُخفى إلى الأبد.
ففي عالم يزداد فيه العقوق والنفاق، يبقى الصدق هو المعيار الحقيقي للإنسانية. من كان وفيًا لأهله وأصدقائه ووطنه، ومن كان صادقًا مع نفسه ومع الآخرين، هو من يستحق الاحترام والتقدير، وهو من سيظل ثابتًا في وجه التحديات، مهما تغيرت الظروف.
أ.د. صلحي الشحاتيت
رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا سابقا.
أستاذ الكيمياء / جامعة مؤتة.



















