+
أأ
-

أ. د صلحي الشحاتيت : دور التعليم والقيادات الأكاديمية في نهضة الأمم: بناء مستقبل قائم على الكفاءة والجدارة"

{title}
بلكي الإخباري

تُعتبر آلية اختيار القيادات الأكاديمية للمؤسسات التعليمية من العوامل الحاسمة التي تؤثر بشكل كبير على جودة التعليم وتقدمه. في الأمم المتقدمة، يتم اختيار القيادات الأكاديمية بناءً على معايير صارمة تتعلق بالكفاءة العلمية، الخبرة الإدارية، والقدرة على الابتكار والتطوير. هذه المعايير تضمن أن من يقود المؤسسات التعليمية هم أفراد لديهم رؤية استراتيجية ووعي عميق بأهمية التعليم كأداة للتغيير الاجتماعي والتقدم الاقتصادي.





في الدول مثل ألمانيا وفنلندا، يتم تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات عبر لجان مستقلة تتألف من خبراء أكاديميين وأعضاء من المجتمع المدني، مما يضمن نزاهة العملية وحيادها. على سبيل المثال، تُجرى عمليات اختيار القيادات الأكاديمية في الجامعات الألمانية من خلال تقييمات دقيقة تشمل تحليل السيرة الذاتية، المشاريع البحثية السابقة، والخطط المستقبلية للمؤسسة. هذه العملية تضمن أن القيادات ليست فقط مؤهلة علمياً، بل أيضاً قادرة على قيادة المؤسسات نحو الابتكار والتفوق الأكاديمي.





في الولايات المتحدة، تُعتبر عمليات اختيار القيادات الأكاديمية جزءًا من الحوكمة الرشيدة للمؤسسات التعليمية. على سبيل المثال، يمر رؤساء الجامعات بعملية اختيار متعددة المراحل تتضمن مقابلات مع أعضاء هيئة التدريس، الطلاب، والخريجين، بالإضافة إلى مراجعات خارجية من خبراء مستقلين. هذا النموذج يضمن أن القيادة الأكاديمية تمثل كافة الأطراف المعنية وتعمل لصالح تطوير المؤسسة والارتقاء بمستوى التعليم.





اختيار القيادات الأكاديمية بناءً على الجدارة وليس على المحسوبية أو الواسطات يؤثر بشكل مباشر على الأداء العام للمؤسسات التعليمية. القيادات التي تتمتع بالكفاءة والاستقلالية قادرة على تنفيذ سياسات تعليمية تهدف إلى تحسين جودة التعليم والبحث العلمي، وتعزيز الشراكات الدولية، وتوسيع قاعدة المعرفة. هذه السياسات تساهم في جعل المؤسسات التعليمية مراكز للتفوق والابتكار، مما ينعكس على مستوى التعليم العام في البلاد ويساهم في نهضة الأمة ككل.





وفي سنغافورة، يظهر تأثير اختيار القيادات الأكاديمية بوضوح. يتم تعيين القيادات في المؤسسات التعليمية العليا بناءً على سجلهم الأكاديمي والبحثي المميز، بالإضافة إلى قدرتهم على تعزيز التعاون الدولي وجذب المواهب العالمية. نتيجة لذلك، تحتل الجامعات السنغافورية مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية، مثل جامعة سنغافورة الوطنية التي تصنف ضمن أفضل 20 جامعة عالمياً.





في النهاية، يمكن القول إن نجاح الأمم المتقدمة في مجال التعليم لا يعتمد فقط على المناهج العلمية المتينة، بل يتطلب أيضاً قيادة أكاديمية مؤهلة وقادرة على تحقيق الرؤية الاستراتيجية للمؤسسات التعليمية. هذه القيادات هي التي تضمن أن التعليم يستند إلى الكفاءة والجدارة، بعيداً عن المحسوبية والواسطات، وهو ما يعزز من قدرة الأمة على التقدم والازدهار.





الأستاذ الدكتور صلحي الشحاتيت
رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا سابقا.
أستاذ الكيمياء بجامعة مؤتة.