+
أأ
-

زيد ابو زيد يكتب ، التعليم وخارطة المستقبل التقنية

{title}
بلكي الإخباري

بلكي نيوز





الألفيةُ الثالثةُ تقنيةٌ بامتياز، وهي إذ تقترب من دخولِ عامَها الحادي والعشرين تقدمُ لنا في كلِ يومٍ شيئًا جديدًا في مجالاتِ التقنيةِ، وتُؤَسِّسُ للمستقبلِ من أوسعِ أبوابهِ، وسيصبح كل من مهن المستقبل وتعليم المستقبل مرتبطين بالتكنولوجيا ومهاراتها وقائمين عليها بشكل شبه كامل، وهذا لا يعني أنَّ المدارس ستختفي وإنْ تغيَّرَ دَورها وشَكلها؛ لأن وجودها مرتبطٌ بما تُتيحُهُ للطلبةِ من تفاعلٍ وجداني لإكسابِ الطلبة مهارات الحياة والتواصل والاتصال؛ إذْ إنَّ المدارس مركز للنشاطات بمختلف أشكالها، وموطن لتعميق قيم السلوك الإيجابي على الرغم من أنَّ تكنولوجيا التعليم والتعليم الإلكتروني ليسا بعيدين عن غرسِ القيمِ، إلا أنَّ دور كل من المدرسة والمعلم كان وسيبقى أساسًا في عملية التعليم، ولكن ماذا عن المستقبل؟ وكيف سيكون شكل التعليم ؟ وهل توجد قفزات في المستقبل تفرضها ظروف معينه كالكوارثِ والأوبئة تضطر الإنسان إلى تسريع خططه، وربط خارطة التقدم بإشباع الحاجات الطارئة في كل مجالات الحياة.
نعم، هي كذلك وبعض المشاهد في بعض البلدان أسماها البعض بالكوكب الجديد كاليابان وبعض المناطق في الولايات المتحدة الأمريكية والصين وكوريا الجنوبية وحتى دبي تشبه الكواكب، وهذه الكواكب تتغير فيها أنماط العمران وشكل السلوك وحركة النقل حتى تخال نفسك فعلًا على كوكب مجهول اكتشفت فيه حياة متقدمة تكنولوجيًّا، ويمثل التجوال في هذا الكوكب خارطة طريق تقنية، وبالتأكيد أنَّ التعليمَ سيكون إلكترونيًّا (E-Learning)‏ فيها؛ أي على شكل نظام تفاعلي للتعليم يُقدم المعرفة والمعلومات والمهارات للمتعلم باستخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وهي المنجز الأكبر للثورة الرابعة في هذه الألفية، وهو تعليم يعتمد على بيئةٍ إلكترونيةٍ رقميةٍ متكاملةٍ تعرض المباحث الدراسية عبر الشبكات الإلكترونية، وتوفر سبل الإرشاد والتوجيه وتنظيم الاختبارات، وتوفّر أيضًا إدارة المصادر والعمليات وتقويمها، ليكون التعليم الإلكتروني الوسيلة التي تدعم العملية التعليمية، وتحولها من طور التلقين إلى طورِ الإبداعِ والتفاعلِ وتنميةِ المهارات، ويجمع كل الأشكال الإلكترونية للتعليم والتعلم عبر جولة في الزمان والمكان يتنقل بها الطالب بين صفوف افتراضية وواقعية وبين صفحات الكتاب وصفحات مواقع التعليم الإلكترونية، وبين معلم يعلمهُ وجاهيًّا إلى معلمٍ ينشئ صفًّا افتراضيًّا، وكذلك أيضًا النشاطات التفاعلية والعلاقات التدريسية، حيث تستخدم أحدث الطرائق في مجالاتِ التعليمِ والأنشطة باعتمادِ الحواسيب ووسائطها التخزينية وشبكاتها، ولكنَّ السؤالَ الأهم: هل ستكون جميع نماذج تطبيق هذه التقنية واحدة، وهل ستكون التجارب مكتملة الأركان أم أنها كالكائن الحي ستنمو رويدًا رويدًا حتى يتحقق الكمال بصورة ما.
أن وزارة التربية والتعليم سعت دومًا إلى تطوير منظومة متكاملة للتعليم واستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية قدرات المعلمين من خلال تدريبهم وتأهيلهم وتمكينهم من بناء جيل واعد لأن توظيف التكنولوجيا واستخداماتها من شأنه رفع مستوى التفاعل والتواصل بين الطلبة ومعلميهم، ما يدعم شخصية الطالب، ويسهم ايضا في دمج الأسرة بالعملية التربوية كونه يربط الطالب بمعلمه خارج الغرفة الصفية من خلال التكنولوجيا .
أن توظيف التكنولوجيا في التعليم من شأنه إحداث نقلة نوعية في رفع كفاءة التعليم وتوفير أدوات غير تقليدية في العملية التعليمية والاستفادة من المصادر المتاحة عبر شبكة الإنترنت بما يَصُب نحو الوصول إلى اقتصاد مَبنيّ على المعرفة الذي سعت الاستراتيجيات الوطنية المتعاقبة إلى تحقيقه.
وتظهر أهمية توظيف التكنولوجيا أكثر في تخفيف عبء الحقيبة المدرسية وذلك بالاستخدام التفاعلي للتكنولوجيا في التعليم، وايجاد حلول للمشاكل التعليمية التي تواجه الطلبة والمعلمين، مشيراً إلى وضع المناهج الدراسية على منصات الكترونية لتحقيق ذلك وتعزيز فرص التعليم خارج المدرسة.
إن الحقيقية الجلية أنَّ الانتقال الاضطراري لطرائق جديدة ونماذج جديدة ليس فقط في التعليم بل وفي الصناعة والزراعة وغيرها يتطلب إمكانيات مادية هائلة، وهي متفاوتة من بلدٍ لآخر تبعًا لجاهزية البنية التحتية واكتمالها، وقد أدت النقلات السريعة في مجال التقنية إلى ظهور أنماط جديدة للتعلم والتعليم بجودة متدرجة من نموذج لآخر، ولكنها جميعًا زادت في ترسيخ مفهوم التعليم الفردي أو الذاتي؛ حيث يتابع المتعلّم تعلّمه حسب طاقته وقدرته وسرعته في التعلُّم ووفقا لما لديهِ من خبرات ومهارات سابقة. ويُعَدُّ التعليم الإلكتروني أحد هذهِ الأنماط المتطورة لما يسمى بالتعليم عن بعد بوجه عام، أو التعليم المعتمد على الأجهزة الذكية والحواسيب بوجه خاص. حيث يعتمد التعليم الإلكتروني أساسًا على الحاسوب والشبكات في نقل المعارف والمهارات. وتضم تطبيقاتُهُ التعلُّمَ عبر الويب والتعلُّمَ بالحاسوب وغرف التدريس الافتراضية. ويُقَدَّمُ محتوى الدروس عبر الإنترنت والأشرطة السمعية والفيديو والأقراص المدمجة، وكذلك يتم الرد على جميع الأسئلة وإرسال الاختبارات والبحوث من خلال برامج التطبيقات الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني.
إنَّ أهمية التعليم الإلكتروني تكمن في حلها لمشكلةِ الانفجار المعرفي والإقبال المتزايد على التعليم وتوسيع فرص القبول في التعليم، إضافة إلى التمكين من تدريب العاملين وتعليمهم من دون ترك أعمالهم والإسهام في كسر الحواجز النفسية بين المعلم والمتعلم، وكذلك إشباع حاجات المتعلم وخصائصه مع رفع العائد من الاستثمار بتقليل تكلفة التعليم؛ لأن التطور السريع في المعايير القياسية العالمية يتطلب تعديلات كثيرة في المقررات الإلكترونية.
واليوم وفي ظل تفاقم الحالة الوبائية عالميًّا ومحليًّا تشكلت قناعة بأن نتائج عودة الحياة المدرسية الطبيعية في هذا الوقت ستكون خطيرة؛ فكان اللجوء إلى قرار التعليم عن بعد، والتقييم عبر المنصات الذي تَبَيَّنَ فيه أنَّ التعليم عن بعد ليس ترفًا وإنّما ضرورة في ظل الحالة الوبائية الراهنة، والحفاظ على صحة المعلمين والطلبة وجميع العاملين هي الأولوية.
أن عملية التحول الرقمي هي خيار المستقبل، وهذا يعني أن التعليم الإلكتروني هو المعزز والداعم للتعليم المباشر، ولا بد لنا من أن نواكب متطلبات العصر حتى لا تَتَشَكَّل فجوة تعليمية لدى الطلبة عبر خارطة طريق تقنية للتعليم يحسِّن البنية التحتية التكنولوجية كما يحسِّن طرائق التدريس.