فادي السمردلي يكتب: الحق على القانون… معقول !!!!!!

بقلم فادي زواد السمردلي
في الآونة الأخيرة، تعالت أصوات بعض الأحزاب السياسية وهي تلقي باللوم على قانوني الانتخاب والأحزاب الجديدين، معتبرة أن هذه القوانين كانت السبب الرئيسي وراء تراجعها وفشلها في تحقيق المكاسب السياسية المرجوة .
هذه الأحزاب، خاصة تلك التي تتمتع بتاريخ طويل في العمل السياسي، اعتادت على العمل في ظل قوانين قديمة أو ظروف معينة كانت تخدم مصالحها وتمنحها القدرة على المناورة السياسية بشكل أفضل ولكن مع دخول القوانين الجديدة حيز التنفيذ، وجدت نفسها عاجزة عن تحقيق نفس النتائج التي كانت تطمح إليها سابقاً، مما دفعها إلى البحث عن مبررات لفشلها، وألقت باللوم على الإطار القانوني الجديد.
ومع أن هذه القوانين قد تحمل بعض السلبيات أو النواقص التي قد تحتاج إلى تعديل أو تحسين مع مرور الوقت، إلا أن هذه الأحزاب أغفلت حقيقة أن هناك العديد من الأحزاب الأخرى استطاعت التكيف بسرعة وكفاءة مع القوانين الجديدة، ونجحت في تحقيق مكاسب سياسية ملموسة.
هذا النجاح لم يكن مصادفة، بل كان نتيجة ذكاء سياسي وحرفية في التعامل مع الواقع القانوني الجديد. هذه الأحزاب استغلت ما توفره القوانين من فرص وابتكرت أساليب جديدة للتواصل مع الناخبين، واستفادت من الأدوات الحديثة المتاحة لتعزيز وجودها في المشهد السياسي.
على النقيض من ذلك، بعض الأحزاب القديمة التي طالما اعتمدت بأن لها تاريخ ظنا منها الاعتماد عليه لتحقيق المكاسب من خلال الهياكل القانونية السابقة، وجدت نفسها غير قادرة على التكيف مع المتغيرات الجديدة وتطوير ذاتها باغلاق قادتها الباب على انفسهم . هذه الأحزاب وقعت في فخ الجمود، والأحلام الزائفة حيث لم تطور استراتيجياتها ولم تبتكر أساليب جديدة لمواكبة تطلعات الناخبين والظروف السياسية المتغيرة. فاعتمدت بشكل كبير على ماضيها وانجازاتها السابقة ضمن ظروف وبيئة معينة ساعدتها على ذلك دون أن تدرك أن الساحة السياسية أصبحت أكثر تعقيداً وتطلبًا للتكيف المستمر مع الظروف المتغيرة.
إن تعليق الفشل على القوانين فقط هو في الحقيقة إشارة إلى قصور في أداء هذه الأحزاب وعدم قدرتها على التجديد والتكيف مع المستجدات. فالقوانين، مهما كانت محكمة أو ناقصة، ليست العامل الوحيد الذي يحدد نجاح أو فشل الأحزاب فالأحزاب التي تتمتع بالمرونة والقدرة على الابتكار هي التي تستطيع تحويل حتى أكثر القوانين تحدياً إلى فرص نجاح ومن هنا، يمكن القول إن المشكلة الأساسية ليست في القوانين الجديدة بحد ذاتها، بل في ضعف بعض الأحزاب في الاستجابة لهذه التحديات.
على الأحزاب التي تشتكي من هذه القوانين أن تعيد النظر في استراتيجياتها وأساليب عملها السياسي فبدلاً من التمسك بالماضي والاعتماد على التاريخ، يجب عليها أن تتبنى أساليب جديدة وتطور قدراتها على التكيف مع الواقع المتغير. التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أي بلد تتطلب من الأحزاب أن تكون ديناميكية ومرنة في تعاملها مع القوانين والأنظمة.
إن الاعتراف بأن الفشل قد يكون نتيجة قصور داخلي في الحزب وليس بسبب قوانين خارجية هو الخطوة الأولى نحو استعادة النجاح وتحقيق المكاسب السياسية في المستقبل.
في النهاية، قد يكون هناك حاجة لإعادة النظر في بعض جوانب القوانين وتعديلها بما يتناسب مع تطلعات المجتمع وأهدافه، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال إلقاء اللوم الكامل على القوانين دون الاعتراف بأن الأحزاب نفسها تتحمل مسؤولية كبيرة في عدم قدرتها على التكيف مع التغييرات والتحديات الجديدة. إن التحديات القانونية والسياسية موجودة في كل زمان ومكان، ولكن الفارق بين الأحزاب الناجحة وتلك التي تفشل يكمن في القدرة على استغلال هذه التحديات وتحويلها إلى فرص.



















