+
أأ
-

النصراوين يكتب ، قانونية إغلاق المقرات الانتخابية

{title}
بلكي الإخباري





أ. د. ليث كمال نصراوين*









قرر مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب قبل أيام منع السماح للقوائم الانتخابية بفتح مقرات لها وإغلاقها جميعا بأثر فوري، وذلك على ضوء الوضع الوبائي في المملكة ومنعا لزيادة تفشي فيروس كورونا. وقد جاء هذا القرار تكريسا للصلاحيات الدستورية المقررة للهيئة المستقلة للانتخاب في إدارة الانتخابات النيابية والإشراف عليها في كافة مراحلها، والمنصوص عليها في المادة (67/1) من الدستور. فهي صاحبة الولاية العامة في إجراء الانتخابات النيابية، بالتالي يثبت بهذه الصفة الدستورية الحق في اتخاذ ما تراه مناسبا من قرارات لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تراعي المصلحة العليا للدولة.

إن ممارسة الهيئة المستقلة للانتخاب لسلطاتها الدستورية في إدارة الانتخابات النيابية، يجب أن يكون ضمن إطار النصوص القانونية الناظمة لإجراء هذه العملية كما هي واردة في قانون الانتخاب. من هنا، يثور التساؤل حول مشروعية قرار مجلس مفوضي الهيئة المستقلة بمنع المقرات الانتخابية، ومدى توافقه مع التشريع الأم الذي يحكم إجراء الانتخابات النيابية، وهو قانون الانتخاب، والذي يعلو في الهرمية التشريعية على التعليمات بأنواعها المختلفة.

فمن خلال استعراض نصوص قانون الانتخاب الحالي، نجد بأنه لم يتضمن أي إشارة صريحة حول تكريس الحق لمرشحي القوائم باستخدام المقرات ضمن الدعاية الانتخابية. بالتالي، فهو لا يعتبر من قبيل الحقوق المقررة للقوائم الانتخابية والمترشحين فيها، لكي يتم الإدعاء بأنه يتعين على الهيئة عدم المساس بها أو الانتقاص من ممارستها. فالمادة (20) من قانون الانتخاب قد حددت الإطار العام الذي يحكم الدعاية الانتخابية بأن تكون حرة ووفقا لأحكام القانون. ومن ثم، أحالت المادة القانونية ذاتها على الهيئة المستقلة للانتخاب الحق في إصدار تعليمات تنفيذية تحدد الأسس والضوابط المتعلقة بالدعاية الانتخابية، بما في ذلك ضوابط الإنفاق المالي.

وقد صدرت لهذه الغاية تعليمات تنفيذية خاصة بتنظيم الدعاية الانتخابية رقم (7) لسنة 2016، والتي جرى تعديلها قبل أشهر قليلة لصالح فرض قيود وضوابط على حق مرشحي القوائم في إقامة المقرات كشكل من أشكال الدعاية الانتخابية. وقد تمثلت هذه القيود بوجوب توفير مواد التعقيم في المقرات الانتخابية، والالتزام بعدم تقديم الأطعمة بمختلف أشكالها أو المشروبات فيها باستثناء تقديم الماء بعبوات صغيرة، وضمان التباعد الجسدي بين الحضور، ووجوب عدم افتتاح أي مقر انتخابي قبل الحصول على الموافقة المسبقة لرئيس لجنة الانتخاب.

وقد أضافت الهيئة المستقلة بما لها من صلاحيات قانونية في تنظيم الدعاية الانتخابية حكما جديدا على هذه المقرات يتمثل بثبوت الحق لمجلس المفوضين بإغلاقها للمدة التي يراها مناسبة، وذلك حفاظا على الصحة والسلامة العامة. فيكون هذا القرار متوافقا مع أحكام القانون، ويتمتع بمشروعية دستورية وقانونية.

إن الدعاية الانتخابية هي ليس غاية بحد ذاتها، وإنما وسيلة تثبت للمترشحين لكي يتواصلوا مع الناخبين لإقناعهم بالتصويت لهم. وهذا الإجراء يمكن الاستبدال به العديد من الوسائل والآليات الأخرى المنصوص عليها صراحة في قانون الانتخاب، كاستخدام الصور والبيانات الإنتخابية، إلى جانب الدعاية الإلكترونية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.





أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

laith@lawyer.com