+
أأ
-

إسرائيل واستراتيجية خفض التصعيد من خلال التصعيد مع إيران

{title}
بلكي الإخباري

الدكتور: عواد السويلميين





تسعى إيران إلى الزعامة وإعادة الدولة الفارسية (الإمبراطورية الساسانية) ويعدونه انتصار للقومية الفارسية على القومية العربية، ويعتقد الساسة الإيرانيين أن الفتح الإسلامي لــ(بلاد فارس) أعطى العرب، الذين كانوا يتسولون من كسرى المجد، ويجب أن يعودوا إلى تلك الحقبة متهمين العرب أنهم نشروا الإسلام بالقوة، لذلك طرحت ايران نظرية باعتبار إيران "أم القرى"، ولعل استعارة مصطلح أم القرى يحتوي دلالة دينية وسياسية: دينية مرتبطة باعتبار أن مكة هي أم القرى للمسلمين وأن الدعوة ظهرت فيها وأن الكعبة المشرفة هناك، وأما البعد السياسي فيتعلق بتقديم إيران ما بعد الثورة باعتبارها النموذج الأصلح للأخذ به في العالم الإسلامي، فالفكرة تبدو قريبة من الفكرة الرأسمالية الغربية التي تقسم العالم إلى مركز ومحيط. دعمت إيران عددًا متزايدًا من القوات المقاتلة المتحالفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتعمل قوة القدس الإيرانية، وهي جزء من فيلق الحرس الثوري الإسلامي، كنقطة الاتصال الرئيسية مع هذه الجماعات، حيث تزودها بالتدريب والأسلحة والأموال لتعزيز فرص تحقيق الأهداف الإقليمية الإيرانية، في قلب هذه الشبكة يوجد حزب الله، وهو حزب سياسي لبناني وجماعة مسلحة، والتي ساعدت إيران في دعم عدم الاستقرار الإقليمي، حيث ساعد حزب الله إيران في دعم نظام بشار الأسد في الحرب الأهلية في سوريا، وعمل على جلب ميليشيات أخرى للدفاع عن النظام.وتواجه إسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، هجمات منتظمة من الجماعات المدعومة من إيران، وهي حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي الفلسطيني، التي تشارك إيران العداء تجاه إسرائيل وتعارض وجود الدولة اليهودية، كما مكّن الدعم الإيراني حركة الحوثي في اليمن من إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل ومهاجمة السفن التجارية التي يُزعم أنها تربطها علاقات بإسرائيل في البحر الأحمر، وهي الإجراءات التي وصفها الحوثيون بأنها إظهار للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وخلال أول هجوم لإيران على الأراضي الإسرائيلية، في أبريل 2024، أطلق شركاؤها في العراق ولبنان واليمن طائرات بدون طيار وصواريخ على إسرائيل لمرافقة الضربات الجوية لإيران.لقد تعرضت منظمة حزب الله لضربة قاسية من قبل إسرائيل، فقد أدت عملية إسرائيلية غير مسبوقة لتفجير آلاف أجهزة النداء واللاسلكي التي تستخدمها المنظمة إلى مقتل العشرات من أعضائها وإصابة الآلاف وفي الوقت نفسه، أدت موجة متواصلة من الاغتيالات إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين، كما فقدت المنظمة إمدادات كبيرة من الصواريخ في الحملة الجوية الإسرائيلية، كما نجحت إسرائيل في اغتيال زعيم الحزب "حسن نصر الله".وقد رد حزب الله بتوسيع ضرباته الصاروخية والطائرات بدون طيار إلى عمق أكبر داخل إسرائيل، ولكن هذه الضربات كانت مقيدة بالنظر إلى ترسانته المقدرة بنحو 150 ألف صاروخ وإمكانية إحداث دمار واسع النطاق في إسرائيل، وكان حزب الله يسعى إلى تجنب حرب شاملة ضد إسرائيل نظراً للتكلفة الباهظة التي قد تلحقها هذه الحرب بالحزب، وتمنح هذه الديناميكية إسرائيل فرصة أفضل للتحكم في المعركة، لأنها أكثر استعداداً للتصعيد نظراً لاعتقادها بأن حزب الله غير راغب في الرد بالمثل، وهذا واضح على الأرض، حيث شنت إسرائيل ضربات أكثر بخمس مرات من حزب الله منذ 7 أكتوبر 2023.إن الأمل الإسرائيلي هو أن تنجح استراتيجيتها القائمة على "خفض التصعيد من خلال التصعيد في إرغام حزب الله على التخلي عن مطلبه القديم بوقف إطلاق النار في غزة كشرط مسبق لإنهاء هجماته على إسرائيل، ونقل قواته بعيداً عن الحدود الإسرائيلية (وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701)، ومن المرجح أن تطالب إسرائيل بهذه الأهداف كشرط مسبق لأي وقف إطلاق نار في لبنان في المستقبل.وقد أشارت إيران إلى رغبتها في تجنب المواجهة المباشرة مع إسرائيل، فقد تشعر في نهاية المطاف بأنها مضطرة إلى تكثيف دعمها العسكري لحزب الله، الذي يشكل جوهر استراتيجية الردع الإيرانية في المنطقة، ومن غير المرجح أن تقبل إيران تدمير شريكها الإقليمي الرئيسي وقد تنجر إلى حرب متوسعة وغير منضبطة، خاصة في ضوء الضربات الإسرائيلية المستمرة ضد المنشآت الإيرانية وأفراد الحرس الثوري الإسلامي في سوريا، وإن المشاركة الإيرانية الأكبر في دعم حزب الله من شأنها أن تخاطر باستفزاز مواجهة مباشرة مع إسرائيل وقد تجر الولايات المتحدة، التي استهدفت قواتها بانتظام من قبل الجماعات الموالية لإيران في سوريا والعراق، سيكون هذا سيناريو كابوسياً للأوروبيين نظرًا للتأثير المزعزع للاستقرار العميق الذي قد يخلفه في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فإن ضعف قدرة إيران على الاعتماد على حلفائها الإقليميين لردع إسرائيل قد يشجع قيادتها على البحث عن وسيلة بديلة للردع، بما في ذلك الدفع نحو امتلاك السلاح النووي، والذي تسعى إيران لامتلاكه منذ ثمانينيات القرن الماضي.