المحامي رايق المجالي يكتب ..من الذي روج للمال الأسود ؟؟ وجعل الفجل أغلى من الفكر !

بلكي نيوز
من خلال الرصد الحثيث إن الهيئة المستقلة للإنتخابات وكل الجهات التي إنكبت على التحذير من المال الأسود في الإنتخابات البرلمانية قد أوصلت رسالة معاكسة مفادها :" أن هناك أموال طائلة ستضخ لشراء الأصوات " فكانت ردة الفعل عند فئات عريضة تعاني من الفقر والبطالة والعوز أن رفضت المشاركة بالعملية مالم تحصل على الأموال ولكونها أصلا فقدت الثقة بالمجالس النيابية وبالنواب أصبحت عملية التصويت مجرد إستثمار موسمي .
ومما عزز أو مهد لوصول الرسالة بشكل معاكس أو مغاير وفوق ما يمر به الناس من ضيق حد الإختناق وتعثر حد تعطل الحياة ,كان الإعلان عن الحظر لأيام من ليلة الإقتراع مما يعني حاجة الناس لتأمين إحتياجاتهم لأيام الحظر الذي جاء تقريبا في منتصف الشهر هذا بالإضافة أيضا لتوقف مصادر دخل 70% من فئات الشعب والتي تعتمد على العمل اليومي في التجارة والمهن وذلك طيلة أيام الحظر الشامل ,فكان تفكير الغالبية _والقياس على الرجل العادي -ينصب على تعويض الدخل المفقود بأي شكل فتحول الصوت إلى سلعة رائجة يباع ويشترى .
والمتابع بدقة للحملة التي سبقت إجراء الإستحقاق الإنتخابي يجد وبوضوح أن رسائل التحذير إنصبت على المرشحين وعلى إقناع الناس بوجود أعداد كبيرة منهم أقدموا على الترشح مستندين على ملائتهم المالية وأخذت أشكال التحذير صورا شتى كلها تقول :" الأموال قادمة من جيوب مرشحين أثرياء " وهذا ما رسخ القناعة عند عامة الناخبين أن الإنتخابات القادمة هي موسم البيع والشراء وبكثافة وغزارة منقطعة النظير , وأتضح للناس أن الدولة أو الجهات المعنية لا تملك إلا التحذير والتحريم والتهديد والوعيد لمن يخالف القانون من المرشحين ودائما كان الوعيد لمن تثبت عليه التهمة ,والمعروف أن الأهم والأصعب دائما هو (الإثبات ) .
..نعم لقد تدنت نسبة التصويت جدا بسبب الطلب (وهو رغبة الناخب ببيع صوته ) وليس بسبب العرض (وهو رغبة المرشح بالدفع ) ,وهذا -والله - ما شهدت عليه شخصيا بنفسي من خلال رصدي لمجريات يوم الإقتراع ,فقد إعتصم ناخبون بنسبة عالية في منازلهم وكانوا يشترطون التصويت مقابل المال حتى لمرشحين من نفس العشيرة والمنطقة , وقد كان السماسرة يأتون من طرف الناخبين بكشوفات للراغبين ببيع أصواتهم وليس العكس ,مما أدى لحصول من رفض شراء الأصوات من الناجحين على رقم متدني للقائمة وللناجح داخل القائمة وبالتأكيد ساهم ذلك أيضا في رسوب البعض لأن البيع أصبح حالة عامة عند النسبة الكبيرة من الناخبين ودون أن يطلب المرشحون ذلك أو يرسلوا سماسرتهم إن وجدوا , فكان -والله على ما أقول شهيد - أن حصل بعض الناجحين -لأنهم لم يشتروا - على ربع الأصوات التي كانوا سيحصلون عليها لو أنهم دفعوا أو أن الزمن غير هذا الزمن والأجواء غير هذه الأجواء والرسالة غير هذه الرسالة التي ذهبت في الإتجاه الخاطيء .
خلاصة القول :إن الرسالة الإعلامية والتي مهدت لإجراء الإستحقاق كانت معيبة وجاءت بنتائج عكسية لأنها مرتجلة وغير مدروسة ,فأطلقت التصريحات على عواهنها فأصابت العملية في مقتل في ظل ظروف إستثنائية تمر بها البلاد يرافقها إجراءات تزيد من قساوة ووطأة الضائقة الإقتصادية والمالية لأفراد الشعب , لأن القائمين على هذه السياسة الإعلامية وغيرها من السياسات غير أكفاء ولا يجيدون الإرتجال أو التخطيط وراهنوا فقط على أن 90% من هذا الشعب نخبة سياسية تمارس حقوقها السياسية وفق مبادئها وفكرها وما تقتنع به من برامج , وقد تناسى هؤولاء أن سد الرمق مقدم على الأمن "فأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " فمن باب أولى أن سد الرمق مقدم على السياسة وتطورها في الوطن وكما يقول رجال القانون وهو مبدأ :القياس على الرجل العادي ..؟؟؟!!!!
لهذا ومنتهى القول :إن وجود وزارة للتموين أولى من وجود وزارة للتنمية السياسية , ولا تنمية سياسية إن لم يكن هناك تنمية إقتصادية إجتماعية , وعندما تكون البطون خاوية فالتفكير يصدر من الأمعاء وليس من العقل , والفجل يصبح أغلى من الفكر .
رايق عياد المجالي /ابو عناد



















