+
أأ
-

تركيا - حل حزب العمال الكردستاني... مكسب أمني بفرص وتحديات استراتيجية

{title}
بلكي الإخباري

 


خاص - يمثل إعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) حل نفسه وإنهاء "الكفاح المسلح" خطوة ذات دلالات عميقة، وتعد في ظاهرها مكسباً أمنياً واستراتيجياً لتركيا. فبعد عقود من الصراع الدامي الذي استنزف الأرواح والموارد، يمنح هذا القرار الدولة التركية فرصة لتسويق نصر استراتيجي طال انتظاره، وفتح صفحة جديدة قد تنهي فصلاً طويلاً من العنف.
ومع ذلك، فإن الفائدة الحقيقية من هذا القرار تظل مرهونة بكيفية استثمار هذه اللحظة سياسياً. إن غياب مشروع مصالحة شامل، يضمن حقوقاً ويلبي تطلعات مشروعة، قد يحول هذا الانسحاب الظاهري إلى فراغ قد تستغله قوى أكثر تطرفاً أو تنظيمات جديدة ذات أجندات مختلفة، مما قد يعيد إنتاج العنف بأشكال أخرى. كما أن الشكوك حول التوقيت والدوافع الحقيقية وراء هذا الإعلان – سواء كانت نتيجة لضغوط داخلية، أو تغير في حسابات إقليمية، أو تكتيك جديد من قيادة الحزب – قد تضعف من قيمته الرمزية وتثير التساؤلات حول مدى استدامته.
 

وعلى الصعيد الإقليمي، فإن تراجع الدور المعلن لحزب العمال الكردستاني قد يربك بعض التوازنات القائمة في سوريا والعراق. فالحزب يمتلك نفوذاً وهياكل تنظيمية في شمال سوريا (عبر قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب) وشمال العراق، وقد يؤدي أي تغيير في وضعه إلى إحداث تحولات في المشهد الأمني والسياسي بهذه المناطق، مما يتطلب يقظة سياسية عالية من الفاعلين الإقليميين والدوليين.
 

بينما يُنظر إلى قرار حل الحزب على أنه مفيد على المدى القريب من الناحية الأمنية لتركيا، فإنه قد يصبح عبئاً استراتيجياً إذا لم يواكَب برؤية شاملة تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار. يجب أن تهدف هذه الرؤية إلى تحويل لحظة الانسحاب هذه إلى بداية حل جذري للقضية الكردية في تركيا، يرتكز على الحوار، الاعتراف بالتنوع، وضمان الحقوق، لا أن يكون مجرد توقف مؤقت للبندقية في انتظار جولة صراع أخرى. إن الاختبار الحقيقي لهذا القرار يكمن في قدرته على بناء سلام دائم ومستقر يتجاوز الجانب الأمني ليشمل الأبعاد السياسية والاجتماعية.