+
أأ
-

النواب الشعبويون وفخ الموازنة: وعود إعلامية بزيادة الرواتب تصطدم بمواد الدستور !!!

{title}
بلكي الإخباري

كتب الناشر - شهد الفضاء الإعلامي ومنابر التواصل الاجتماعي خلال الايام القليلة الماضية وقبل حتى أن تُطرح الموازنة العامة رسمياً للمناقشة، استباقا  لافتا  من بعض النواب الذين رفعوا أصواتهم مطالبين بزيادة الرواتب للعاملين والمتقاعدين ففي هذا التوقيت، لا يعد الخلل خرقاً إجرائيا  لنصوص المناقشة، بل يتحول إلى تضليل سياسي مبكر ووعود فارغة تُستغل لكسب التأييد الجماهيري، ليوقع النواب أنفسهم في فخ عدم الفهم، أو بالأحرى التلاعب بمشاعر الناس


يكمن الخلل في تجاهل هؤلاء النواب للقيود التي تحكم سلطتهم التشريعية وتحديدا  ما ورد في المادة 112 (4) من الدستور وهذه المادة، التي يجب أن تكون حاضرة في ذهن كل مشرع وثق به المواطن ومنحه صوته تحظر صراحة على مجلس النواب أن  يزيد في نفقات الموازنة لا بطريقة التعديل ولا بطريقة الاقتراح المقدم على حدة أثناء مناقشة مشروع القانون.

عندما يطلق نائب وعدا  بزيادة الرواتب عبر الإعلام او صفحته على السوشيال ميديا ، فإنه يعِد بما لا يملك القدرة الدستورية على تحقيقه في إطار الموازنة السنوية المرتقبة.

هذا الفعل هو ذروة الشعبوية المبكرة حيث يتم استغلال حاجة الناس لزيادة الدخل لـتسجيل موقف إعلامي رنان، مع العلم بأن آليات العمل البرلماني تمنعهم من تمرير هذا الوعد بصفته تعديلاً على الموازنة. فهم يطلقون الوعود في توقيت ضيق ودون سند، بهدف وحيد هو كسب التعاطف الجماهيري العاجل، متجاهلين أن العملية الصحيحة والمسؤولة تتطلب مساراً تشريعيا  مختلفا .


اما النواب الأكفاء الذين يمتلكون رؤية مالية حقيقية يدركون أن المخرج الدستوري السليم لتحقيق زيادة في الرواتب ليس في الجعجعة الإعلامية حول الموازنة، بل في استغلال الفقرة الأخيرة من المادة 112 (4) التي تسمح بـ**"اقتراح وضع قوانين لإحداث نفقات جديدة"** بعد الانتهاء من مناقشة الموازنة. هذا هو المسار الشرعي الذي يضمن دراسة الزيادة بجدية كقانون مستقل، مع تقدير أعبائها وتوفير تمويلها اللازم لضمان الاستدامة المالية للدولة.

فالمطالبة بزيادة الرواتب في هذه المرحلة عبر السوشيال ميديا هي إما جهل فاضح بالقاعدة الدستورية التي تحكم عملهم كممثلين للأمة، أو تجاهل متعمد لها لاستغلال عواطف الناخبين. في كلتا الحالتين، فإنهم يقدمون مصالحهم الانتخابية على مبدأ سيادة الدستور ، ويحوّلون النقاش حول الموازنة من عملية فنية واقتصادية إلى حلبة للمزايدات الشعبوية ولا يمكن أن تستقيم العملية التشريعية ما دام العزف على أوتار الشعبوية يطغى على احترام النصوص الدستورية وتوقيتاتها