د.عبدالله الطوالبة يكتب ..هل هي التهيئة لحل مجلس النواب؟!

فجأة، ظهر تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان حول الإنتخابات النيابية الأخيرة. معروف للرأي العام ان المركز أعد تقريراً بذينك الخصوص، لكن التقرير "تباطأ" في الطريق، و"تأنى" أكثر مما يجب في الظهور٠ ويبدو كما لو أنه استطيب الإقامة في دفءِ الأدراج.
ها قد ظهر التقرير. الصحافة المحلية أبرزته، وبعض الصحافة الخارجية بدت مأخوذة بمضامينه. فقد شحنت الأخيرة تقاريرها الإخبارية عنه بعبارات تلفت المتابعين من نمط "تسبب التقرير بحالة جدل عاصفة"، و"تحدث التقرير عن مخالفات جسيمة ارتكبت خلال العملية الانتخابية". التقرير أشار بالفعل إلى أخطاء في اجراءات العملية الإنتخابية. ولم يبخل في صب لعناته على رأس المال السياسي. وشجب منع المصابين بفيروس كورونا من الادلاء بأصواتهم. وسلط معدوه الضوء على ما أسموها "محاولات لثني بعض المرشحين عن الترشح للإنتخابات". حتى ما يُعرف في قاموس ديمقراطيتنا ب" الإجماعات العشائرية"، لم يتركها التقرير وشأنها، بل وصمها بمخالفة أوامر الدفاع، ومدابرة تعليمات التباعد الاجتماعي المفروضة من الجنرال "كورونا".
تقرير يبدو جريئاً، لم يبقِ ولم يذر. وقد يجد بعض المتابعين في ذلك ما يشفع للمركز "التلكؤ" في إشهار التقرير طوال هذه المدة. ولكن هناك جملة من الملاحظات لا مفر منها.
على صعيد المخالفات الجسيمة التي شابت الانتخابات كما جاء في التقرير، فإنها ليست مثيرة للأردنيين، ولا تحمل بالنسبة لهم جديداً. فحتى الأموات، الذين شاركوا في الإقتراع، لا بد أخبروا جيرانهم ساكني القبور عن تلك المخالفات. ولا يُستبعد ان بعضهم عاد إلى قبره، بعد الإدلاء بصوته، مصطحباً معه فيديوهات من تلك التي انتشرت يوم الانتخابات والأيام التي تلته. وكلها تتضمن أدلة موثقة بالصوت والصورة على أن انتخاباتنا "مش ولا بد". أما حُرَّةٌ ونزيهة، فتعلمان قبل غيرهما أن نصيبيهما من هذين الإسمين ضئيلان إلى حد الإحراج.
الملاحظة التالية، تتعلق بتوقيت صدور التقرير، بعد أن طارت العصافير بأرزاقها. فهذا النوع من التقارير، يظهر عادة بالتزامن مع الحدث المعني أو بعده بأيام قليلة، كي تكون مجدية وتؤدي الغرض. لكن ما يلفت النظر أكثر من الصدور المتأخر، التشنيع على الانتخابات بهجاءٍ من العيار الثقيل. ويلفت النظر أكثر، تزامن ذلك مع تصاعد الكلام هذه الأيام عن الإصلاح السياسي والتعددية الحزبية والإنفتاح. وبدأنا نسمع تصريحات عن ضرورة تنظيم حوار وطني حول قانون الانتخاب يتغيَّا تطويره.
هذا يعيدنا إلى الانتخابات، والإصرار اللافت في حينه على اجرائها في ظروف لم تكن مناسبة. حينها، تردد كلام، فحواه ان الانتخابات جرت على أساس أن ترامب سوف يحسم نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية لصالحه. وهناك أمور مستعجلة تتعلق باستحقاقات صفقة القرن، تستدعي وجود مجلس نيابي تَسهُل "المَوْنة" عليه لتمريرها. ولقد اكتسب هذا الكلام قدراً بدا وازناً من الحُجيَّة، بمنع نواب في المجلس الثامن عشر ذوي حضور فاعل وأصحاب مواقف، من الترشح. لكن ترامب أصبح من الماضي، ومهدد بالحرمان من الترشح مستقبلاً لمنصب رئيس الولايات المتحدة.
وعليه، فهل بدأت التهيئة لحل مجلس النواب، خلال عام وربما أقل، والتحضير لإجراء انتخابات تناسب توجهات الإدارة الأميركية الجديدة، التي صدر عن بعض أركانها إشارات محملة بالرسائل بخصوص موضوع الديمقراطية وحقوق الإنسان؟!
تساؤل أظنه مشروعاً، والأيام ستحسم الإجابة.



















