د."أحمد محمود نويران"يكتب:الوطن بين التسحيج والتخريب

الكل يضع الوطن نصب عينيه، ولا أختلاف بيننا في حب الوطن والخوف عليه إلا في اسلوب الحب والخوف. إن الأتفاق على صعوبة الظروف وتأزم الموقف يصل حد الأجماع، ورص الصفوف وتنقيه الأجواء، والعمل على تقديم الحلول هو مجال التنافس الوحيد والملجأ الأخير لنا للخروج من محنة أقل وطأةﹰ من محن تاليه لا قدر الله.
الوطن اليوم بأمس الحاجة لكل جهد مخلص، بعيداﹰ عن مناكفات فردية تقع في خانة ما يسمى التسحيج والتخريب. إن التسحيج بالمعنى الأكثر أنتشاراﹰ بين الناس هو التغطية بكافة الوسائل عن أخطاء المسؤولين والقفز فوق المصلحة العامة نحو مصلحة خاصة وفردية، مسبباﹰ ضياع فرصة أو هدر مال عام، والنتيجة غياب العدالة والمحاسبة. نحن اليوم جميعاﹰ ضد التسحيج بكافة صوره، لضرره البالغ على وطن يعاني من محن جمه بكل معنى الكلمة، وفي المحن تتعاضد الجهود في حماية مقدرات الوطن وصد محاولات العبث به.
اليوم نحن في غنى عن الفزعة الفردية للفسادين ولصوص المال العام، بل إن تعريتهم وكشفهم واجب مقدس وفرض عين. إن زمن التقاعس والخذلان يجب إن ينتهي، فلا بديل او خيار عن صف الوطن.
في الجانب الأخر والأشد ضرراﹰ من وجهة نظر الكثيرين، تأتي الفئة التي تسعى للتغير والتصحيح من خلال الفوضى والتخريب، هذه الفئة يبدوا أنها تتحرك بفعل العاطفة والأنفعال والغضب على الظروف، ولكن بدون بوصلة واضحة وبرنامج محدد ضمن أطر قانونية ومؤسسية، كألاحزاب مثلاﹰ. وهي فئة قد تكون صادقة في سعيها للتغير ومحاربة الفساد وبناء وطن جديد، ولكن الاسلوب غير مقبول ولا يحقق نتيجة مرضية للجميع. فمن غير المعقول قدرتنا على أغلاق الشوارع وعدم قدرتنا على السعى نحو الصناديق لأختيار برلمان واقعي يمثل طموحاتنا.
الخلاصة، محاربة الفساد تبدأ بتغير سلوكنا فنحن الدولة، والتغير يبدأ من أخلاصنا بعملنا ونبذ التقاعس والأتكالية وهدر الطاقات، وفوق كل ذلك لا مناص من العودة للتنظيمات السياسة القانونية والعمل بأسلوب منظم وتدريجي لبناء جبهة وطنية تسعى للتغير بالطرق الديمقراطية أولاﹰ، والأتفاق على ميثاق وطني شعبي للتغير والبناء والتطوير ثانياﹰ. حمى الله الأردن من كل شر.
د.أحمد محمود نويران
Yar19942013@gmail.com



















