+
أأ
-

الأردن .. موقف ثابت، ومحيط ملتهب .. وسهامٌ لاترحم.

{title}
بلكي الإخباري

كتب محرر الشؤون السياسية :-





كما في كل استحقاقات مهمة نتابعها ونرصدها بعناية عبر بلكي نيوز وما أكثرها منذ بدء العدوان الدموي القاتل على أهلنا في غزة، تتعالى أصوات التشكيك والفتنة ضد مواقف الأردن دون أدنى حساب للمخاطر والتهديدات ، وفيما تتزايد دعوات الحفاظ على وحدة الموقف والالتفاف حول الوطن وقيادته ومؤسساته في مواجهة المشاريع التي تتهدد الجميع والأردن في قلبها؛ تتضاعف بالمقابل فوضى المواقف والمفاهيم والأصوات المسمومة التي يصعب تفسيرها بمعزل عن مخططات الخارج ودعوات الفوضى الممنهجة.
بعد انتصاف ليل امس السبت طالعتنا وسائل الإعلام عبر عواجلها عن أصوات انفجارات في العاصمة الإيرانية طهران ، وسرعان ماتبين أن الاحتلال قد بدأ عملية عسكرية ضد إيران ، في إطار ما اصطلح عليه "الرد والرد المقابل" ، كردٍ على الرد الإيراني فجر الأول من الشهر الحالي عبر مئتي مسيّرة وصاروخ انطلقت باتجاه أهداف عسكرية في الداخل المحتل، فيما اقتصر رد العدو امس ، وبعد نحو شهر من التهديد والوعيد، على إطلاق عشرات المقاتلات نحو الحدود الإيرانية واستهداف قواعد عسكرية ومنظومات دفاع جوي في أكثر من مدينة ايرانية.
حين كانت إيران تستعد لردها ، وكانت كل الأطراف منخرطة في محاولات ضبط الإيقاع صدر عن الأردن موقف واضح صريح حازم ؛ لن يكون الأردن ساحةً لأي اشتباك أو صراع ، وهكذا كان ، فاتخذ الأردن قراره السيادي بالتصدي لأي مقذوف يدخل أجواءنا ويعّرض المواطنين للخطر، ويمس سيادة البلاد. يومها انطلقت سهام الحقد وأصوات العبث والمزاودة وخلط الأوراق ، وتعالت أصوات التخوين والتشكيك ، فأعاد الأردن الرسمي تأكيد المؤكد ، وبعبارات لا لبس فيها .. انتهاك سيادتنا وتعريض مواطنينا للخطر ممنوع ؛ من أي طرفٍ كان وبأي اتجاه كان .
فجر امس ، وبمجرد أن أطلق العدو مقاتلاته باتجاه الجولان المحتل مقترباً من حدودنا الشمالية الغربية في طريقه عبر سورية والعراق وصولاً إلى حدود إيران ، انطلقت فوراً مقاتلات سلاح الجو الأردني في رسالة واضحة للعدو والصديق ، رسالة تحذير وتأكيد على الموقف من جهة ، وطمأنة للأردنيين من جانب آخر، سيما وقد جابت سماءنا جيئةً وذهاباً وعلى ارتفاع ملحوظ بسهولة.
لاحقاً أعلنت كل من سورية والعراق ان العدو قد اعتدى على أهداف داخلهما، وأعلنت إيران أن العدو قد استهدفها من أجواء العراق، ماخلق أجواءً مم الارتياح في الأوساط الشعبية ، فها هو الأردن ينجح في حماية أجوائه مرة أخرى ويفرض قراره السيادي على الجميع بمن فيهم العدو المنفلت من عقاله والمغرق في البطش والقتل والعربدة، ولكن العجيب أن بعض الأصوات عادت لذات السلوك ، وذات التشكيك والتخوين وخلط الأوراق.
وهنا يجدر بنا أن نتساءل عن الدوافع ، وعن الحلول لظواهر كهذه باتت تنشر سمومها تحت غطاء الموقف الداعم للمقاومة ، ناسيةً او متناسية أنها حين كانت ، ولازالت، تتاجر بملحمة غزة وأهلها ومقاومتها دون أي فعل سوا الخطب والعبث وتوزيع صكوك الوطنية وتهم الخيانة كان الأردن يلبي النداء ويقدم الإغاثة ويطلق المبادرات والجهود في كل اتجاه لوقف العدوان، ورغم التضييق ظل الموقف الأردني ثابتاً صلباً متقدماً على كل المواقف رغم التضييق والتحريض والتحذير من مخاطر الوقوف في وجه المخطط الشامل الدموي القائم.
عجيبٌ أمر هؤلاء ، وعجيب أمر من تنطلي عليه محاولاتهم ، ولعل الأغرب غياب الخطاب المضاد ، خطاب العقل والمنطق وتفنيد الادعاءات ، الخطاب الذي يحتاجه الأردن في هذا الظرف المفصلي الخطير ، والذي يفترض أن يؤسس لمشروعٍ وطني اردني تنتظره آمال الأردنيين وأفئدتهم ، سيما وأن الأرضية خصبة كما لم تكن من قبل ، فقوانين الإصلاح وروافع العمل الحزبي والسياسي حاضرةٌ بقوة ، مايضع الكرة في ملعب النخب والمخلصين من أبناء شعبنا ، بعيداً عن أصحاب المصالح وخطاب الاستعلاء واحتكار الولاء للوطن وقيادته .
هو ظرفٌ غير مسبوق ، خطير وحساس ومرهق ، صحيح ، لكن الشعوب الحية لطالما استلهمت من المخاطر والتهديدات وصنعت من المصاعب والاستعصاءات مشروع نهوض فبنت مستقبلاً مشرّفاً وفرّضت ذاتها على كل المعادلات وفي مواجهة كل المشاريع ؛ ونحن شعب حي … سيعلّق المخلصون من أبنائه الجرس وينطلقون فيما سيلفظ التاريخ كل المزاودين والمحرضين ودعاة الفتنة والمصالح الفئوية .