الودّ الأمريكي – السعودي يخفي خلافاً عميقاً حول التكنولوجيا النووية

واشنطن: على الرغم من مظاهر الودّ التي طبعت استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض هذا الأسبوع، فإن مسار التفاهمات بين الطرفين بشأن اتفاق للتعاون النووي المدني لا يزال متعثراً، في ظل تمسّك الرياض بحق تخصيب اليورانيوم محلياً، وهو شرط ترفضه واشنطن بشدة.
فقد أعلنت إدارة ترامب ووزارة الطاقة الأميركية توقيع “إعلان مشترك” بشأن استكمال المفاوضات حول اتفاق نووي ثنائي، إلا أن هذا الإعلان لا يرقى إلى مستوى اتفاق “123” الملزم قانونياً، والذي يتطلب مراجعة من الكونغرس قبل دخوله حيز التنفيذ. ولم يقدم أي من الجانبين جدولاً زمنياً للتوصل إلى الاتفاق النهائي.
التمسّك السعودي بالتخصيب يعقّد التفاهمات
تقود الرياض، تحت إشراف ولي العهد، مساراً طموحاً لتطوير برنامج نووي محلي، وقد تحدث الأمير محمد بن سلمان علناً عن احتمال امتلاك سلاح نووي في حال نجحت إيران في ذلك.
وتشترط واشنطن على أي دولة تسعى للحصول على التكنولوجيا النووية الأميركية الالتزام بما يعرف بـ“المعيار الذهبي”، والذي يتضمن التخلي عن إعادة معالجة الوقود النووي وتخصيب اليورانيوم—وهما مساران أساسيان للحصول على المواد اللازمة لإنتاج سلاح نووي.
وتشير مصادر متابعة للمفاوضات في واشنطن إلى أن إصرار السعودية على تخصيب اليورانيوم ما يزال العقبة الأكبر أمام الاتفاق، رغم وجود فريق تفاوض سعودي في العاصمة الأميركية لعدة أسابيع.
ترامب: الاتفاق “غير عاجل”
قال الرئيس الأميركي خلال لقائه ولي العهد في المكتب البيضاوي إنه لا يرى إلحاحاً في إنجاز الاتفاق النووي، مؤكداً إمكانية التوصل إليه “في وقت لاحق”.
أما وزير الطاقة الأميركي كريس رايت، فأكد لاحقاً في مقابلة تلفزيونية أن الولايات المتحدة لن تسمح للسعودية بالتخصيب ضمن أي اتفاق ثنائي، مشدداً على أن التعاون سيقتصر على بناء محطة طاقة نووية باستخدام التكنولوجيا الأميركية.
ضغط من الكونغرس لاعتماد “المعيار الذهبي”
ورغم تراجع حدة التوتر بين الكونغرس وولي العهد السعودي على خلفية جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي، فإن أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ شددوا على ضرورة التزام الرياض بالمعايير النووية المشددة.
السيناتور الديمقراطية جين شاهين طالبت بأن يشمل أي اتفاق ضمانات تفتيش موسّعة عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تلتزم الرياض بعدم تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم.
وقال السيناتور الجمهوري جيمس ريتش إن الالتزام بالمعيار الذهبي “شرط لا بد منه” للموافقة على الاتفاق.
أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المعروف سابقاً بانتقاده الشديد للأمير محمد بن سلمان، فبدا أقل تشدداً، قائلاً إن تطوير قدرة نووية سلمية للمملكة هو “نقاش مؤجل”، لكنه أشار إلى أن امتلاك السعودية لاحتياطات كبيرة من اليورانيوم “قد يكون جزءاً من صفقة أكبر”.
عقبات سياسية وقانونية أمام الاتفاق
يمكن للكونغرس نظرياً إسقاط أي اتفاق 123، إلا أن ذلك صعب عملياً بسبب صلاحية الرئيس في استخدام حق النقض (الفيتو). لكن جلسات المراجعة البرلمانية قد تُستخدم للضغط على البيت الأبيض وانتزاع تنازلات إضافية تتعلق بالضمانات النووية.


















